محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ


التاريخ بلا شك سيكتب سيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأحرف من ذهب؛ وأهم ما يلحظه الباحث في تاريخه أنه ملك لا يعرف الظلم في قواميسه مكاناً. لا أقول ذلك مجاملة ولا تملقاً ولا مسح جوخ، وإنما هي الحقيقة التي لا يمكن أن يزايد عليها أحد، وأمامكم تاريخه - حفظه الله - فاقرؤوه.

يا خادم الحرمين: هناك فئة من بناتك مظلومات، طلبن مني ككاتب أن أضع قضيتهن أمام النظر الكريم، فبحثت ودققت ومحصت في قضيتهن طويلاً، ومدى تطابق ما يذكرنه من كونهن مظلومات، فوجدت بالفعل أنهن كذلك - وأنا مسؤول عن كلامي - في بلد تضيق فيها فرص العمل على المرأة؛ فمن حظيت بعمل فتعتبر محظوظة، وعليها أن تعض على (نعمتها) التي أنعم الله عليها بالنواجذ؛ فكيف بمن كانت تنتظر الفرصة في العمل وعندما جاء الفرج وشمل الجميع، قام المسؤولون باستثنائهن من الجميع دون وجه حق، وتم التعامل مع كل الأوامر والتعليمات التي تقضي بحل قضيتهن بالتطنيش.. نعم، وأقولها بملء فمي: (التطنيش) واللا مبالاة والمماطلة؛ رغم أن التعليمات القاضية بحل مشكلتهن صدرت من أعلى المستويات، من الديوان الملكي! القضية التي أتحدث عنها هنا تخص من جرى تسمية قضيتهن بقضية (البديلات المستثنيات من التثبيت). وهي إحدى القضايا التي تعتبر مثالاً - للأسف - على عدم الاكتراث بعمل المرأة، وإتاحة الفرصة لها بأن تعمل وتُدبر شؤونها الحياتية في زمن أصبح فيه الفقر والعوز والجوع دافعاً لكل جريمة أخلاقية وغير أخلاقية.

قضية (البديلات المستثنيات من التثبيت) تخص معلمات عملهن هو سد الفراغ في حالة اضطرار معلمة ما لأن تتغيب بسبب ظروف قاهرة كظروف الحمل والولادة، فتعمل هذه المعلمة البديلة لفترة محددة في محل هذه المعلمة حتى تعود المعلمة الأصلية إلى عملها. هؤلاء البديلات رغم أن جزءاً منهن أمضين في الخدمة كمعلمات بديلات سنوات طويلة لم يثبتن في وظائف دائمة في وزارة التربية والتعليم. وعندما صدر الأمر الملكي بتثبيت كل من لم يتم تثبيتهن من المعلمات، تم تثبيت من كانت على رأس العمل حين صدر الأمر، وتم استثناء من ليست كذلك من التثبيت بغض النظر عن المدة التي قضتها هذه المعلمة أو تلك في السلك التعليمي، أي أن تثبيت من جرى تثبيتهن كان (بالصدفة)، أو بلغة أدق: خبط عشواء، دون أية معايير تفاضلية معقولة كإجراء مفاضلة عادلة على حسب أقدمية التعاقد والتخرّج مثلاً، رغم أن الأمر السامي الكريم رقم 1895 م/ب وتاريخ 23-3-1432هـ قد شمل جميع من هم وهن على بند الأجور، فلماذا تم إبعاد هذه الفئة وهن أحق من غيرهن أيها السادة؟ ورغم أن توجيهاً من قبل الديوان الملكي قد صدر بحل مشكلتهن في أسرع وقت، وتم تشكيل لجنة- كما يقولون - لحل المشكلة، إلا أن القضية ما زالت معلقة، وليس ثمة إلا وعود من قبل المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وأن أخباراً سعيدة سيسمعونها قريباً، غير أن (قريباً) هذه أصبحت مثل (بيض الصعو يذكر ولا يشاف). ويبدو أن التعليق والمماطلة ليس بسبب وزارة التربية والتعليم وإنما من وزارة الخدمة المدنية حسب ما هو أمامي من معلومات.

إن هؤلاء المعلمات - يا خادم الحرمين - يضعن قضيتهن أمام النظر الكريم، وأملهن أن يصدر أمر ينهي معاناتهن فهن أحق من غيرهن بالتثبيت؛ ومن الواضح أن اللجان والإجراءات الإدارية البيروقراطية والوعود، لن تحل المشكلة فالأمل فيكم فأنت الذي إذا وصلته معاناة فرد من الشعب انتهت نهاية سعيدة، فكيف بمعاناة آلاف المعلمات من بناتك؟

إلى اللقاء.