علي حماده

ليس غريباً ان يقدم بشار الاسد في زمن سقوطه على تكليف رجاله في لبنان القيام بتفجيرات ارهابية من شأنها ان تقتل لبنانيين أبرياء خدمة لمصالح نظام قتل حتى اليوم ما يزيد على العشرين ألفاً من السوريين. وليس غريباً على عقل بشار والبطانة استسهال الأمور في لبنان على نحو يذكرنا جيداً باغتيال رفيق الحريري ورفاقه وسائر الشهداء. وليس غريبا على أيتام بشار في لبنان الاستخفاف بحياة مواطنيهم، وقتلهم اذا لزم الأمر حماية لمصالح سيدهم المتهالك. وأخيراً وليس آخراً، ليس غريباً ان نسمع كلاماً صادراً عن الأيتام إياهم يهدّد بحرق لبنان كله من أجل السيد ميشال سماحة الذي يواجه تهمة في غاية الخطورة اذا ما تأكدت.
لا نريد ان نستعجل الأحكام. فالملف، وعلى رغم التسريبات التي وصلتنا، لا يزال في عهدة المحققين، ثم ان القضاء هو المخول بت أمر كهذا وليس الإعلام. لكن لا بد لنا من كلام في السياسة.
يتبين من خلال قضية سماحة ان النظام في سوريا لا يتورّع عن استخدام شخصيات يسوّقها في السياسة والإعلام، للقيام بأعمال إرهابية مخيفة كتفجير إفطارات، أو حتى الاعتداء على البطريرك بشارة الراعي خلال زيارته لمنطقة عكار. مع ان الراعي ليس عدواً ولا حتى خصماً لنظام بشار الأسد، بل بالعكس إنه من المتعاطفين معه مهما قال أو برر أو أوضح أو حتى اتهم. إنما اللافت في قضية سماحة هو التفاف بشار الأسد على حليفه المحلي في العمل الأمني والعسكري quot;حزب اللهquot;، باللجوء الى شخص quot;مدنيquot; عُرف عنه الكثير في فن الاغتيال والإرهاب المعنوي والسياسي والإعلامي، لكن لم يُعرف عنه (أقله الى الآن) ضلوعه في أعمال أمنية إرهابية يمكن ان تتسبب بقتل العشرات وربما المئات ليس من السياسيين المصنفين أعداء، وإنما من المواطنين العاديين. هذا أمر محيّر. فهل أراد بشار تفجير الوضع في لبنان خلافاً للقرار الإيراني الراهن القاضي بالحفاظ على استقرار لبنان وحماية الحكومة الحالية باعتبار ان طهران لا يمكنها المجازفة بفتح ساحة مواجهة ساخنة في لبنان، فيما تشهد انهيار quot;جسرهاquot; السوري الاستراتيجي الذي استثمرت فيه لأكثر من أربعة عقود بلا انقطاع؟ هل ثمة افتراق، ولو جزئياً، في مقاربة الملف اللبناني بين إيران التي ورثت بشار في لبنان، والأخير الذي بلغ سوء وضعه مرحلة يعتقد فيها ان كل الأوراق التي في حوزته ينبغي البدء باستخدامها؟ وهل لبنان في ذهن بشار الذي توقفت عقارب الزمن عنده عام ٢٠٠٥ هو ملف يتوهم ان عناصره كلها بيده؟ سؤال لا يرمي الى تبرئة quot;حزب اللهquot; من سلوكه الدموي في لبنان، بل يأتي من خلال غرابة استخدام أشخاص مثل ميشال سماحة في أعمال، يمكن آخرين سبق لهم ان تورطوا في القتل الميداني ان يقوموا بها.
في مطلق الأحوال، نتمنى أن تسود العدالة للجميع في لبنان، بمن فيهم سماحة، فإن لم يُثبت تورطه فليطلق، وإن ثبت فليذهب الى حيث يستحق: أي الى السجن كأي مجرم.