سالم حميد

يطل علينا الإعلام الغربي بين فترة وأخرى بسيل من التهجم على منجزاتنا الحضارية، أو بتعليقات غريبة تحمل معها نقداً شديداً لقضايا داخلية إماراتية، حيث يبدو هؤلاء سواء من الصحفيين أو الكتاب ممن يحملون الحقد ضد الإمارات، خاصة حين يتناولون قضايانا دون أي تدقيق أو تمحيص وبدون معرفة تداعيات الأمور، حيث نرى هذا الكاتب أو ذاك يطل من برجه العاجي وينساق وراء آراء معينة ويكيل سيلا من الاتهام والتشهير ضد الإمارات!

لفتني مقال لسايمون هندرسون نشر في موقع معهد واشنطن، يوم 9 أغسطس الجاري، يتناول تحليلا للوضع الإماراتي تحت عنوان: quot;الاعتقالات في الإمارات تُبرز التحديات للسياسة الأميركية في الشرق الأوسطquot;. لكن الغريب هو الكم الكبير من المعلومات الخاطئة الذي حملها التحليل بين طياته، وكذلك التهجم على منجزات الإمارات وتشويه الوقائع وتقديم معلومات خاطئة لا تنم عن معرفة بل تؤكد أن كاتبها استقاها من أعداء للإمارات أو كتبها جاهلاً واقع بلادنا، حيث تستغرب وأنت تقرأ التحليل الإعلامي الغربي، حتى تظن أن كاتبه من جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، ولغته في مجملها لا تختلف عن الخطاب الإخواني وهو نفس المنطق الأعوج الذي ينطق به quot;الإخوانquot; أينما حلو فيما يتعلق في الشأن الإماراتي. ولست أعلم هل سايمون هندرسون قرأ الملف الإماراتي بالمقلوب، أم أنه كتبه بدفع من بعض الجماعات التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، أو ربما من بعض المغرضين الذين يعملون ليل نهار ليؤذوا بلدهم بهدف تنفيذ مخططات جماعاتهم بهدف الحصول على امتيازات وتحقيق مصالحهم الشخصية البعيدة كل البعد عن مصلحة البلاد والعباد.

الغريب هو أن هندرسون تبنى وجهة نظر quot;الإخوانquot; ولم يتوان عن حشو كتاباته بسيل من الاتهامات الكاذبة، فها هو يصف الاعتقالات الأخيرة في الإمارات بأنها جاءت بسبب مطالبات المعتقلين بإجراءات إصلاحية، وهذه مغالطة كبيرة وهي بالتحديد ما تسوق له جماعة quot;الإخوانquot; والتابعين لها، غير أن الحقيقة هي أن هناك مجموعة تنتسب إلى أحزاب خارجية وتنظيمات محظورة في الإمارات، وهذه الأحزاب الدخيلة تسعى إلى تسويق نفسها في أكثر من بلد عربي، ومن اُعتقل له صلات مباشرة مع تلك الجماعات وهو تابع لها ويعمل معها بشكل منظم وتهدف إلى تحقيق مصالحها التي تتعارض مع مصالح المواطن الإماراتي، وهي بأي حال جهات خارجية تابعة لدول صديقة أو شقيقة وقد عملوا على الإساءة للإمارات منتهكين الدستور والأعراف، وهناك قانون يسري على الجميع يحدد وضع هؤلاء والكلمة الفصل ستكون للقضاء، فهناك عدالة ستأخذ مجراها كما أن هناك وثائق تثبت تورط هذه المجموعة وتدينها وكل ذلك ضمن القانون.

هندرسون يجهل تماماً تداعيات تلك القضية وتطوراتها والاتهامات الموجهة لتلك الثلة الإخوانية التي كانت تعد لاقتراف جرائم تمس الأمن الوطني، وربما كان جديراً به أن يقوم بزيارة للإمارات ليطلع على القضية أو حتى أن يقرأ أكثر ويجري اتصالات قبل أن يصدر أحكامه، كما أنه قال في مقاله إن المترشحين للمجلس الوطني الاتحادي كانوا 129 ألف شخص فقط، وتم اختيارهم بعناية، وهنا أريد أن ألفت إلى أن مواطني دولة الإمارات يبلغ عددهم نحو 900 ألف مواطن، أي أن هناك ما يقرب من 15 في المئة من عدد السكان شاركوا في اختيار أعضاء المجلس الوطني، والانتخابات تجربة وليدة لدينا وتشكل خطوة مهمة في تاريخ الدولة الحديثة التي تأسست قبل 41 عاماً وحققت خلال هذه الفترة نقلة نوعية في المجالات كافة، ووضعت الإمارات على الخارطة العالمية كقوة اقتصادية منافسة في بلد يمتاز بقدرته على استقطاب العمالة من جميع دول العالم.

أيضاً الكاتب، وفي مغالطة وإساءة أخرى إلى الإمارات، تكلم عن العمالة والظروف القاسية التي تعيشها في بلدنا، وهذا أمر غير واقعي حيث إن الوافدين في الإمارات يعيشون حياة كريمة ولهم حقوقهم وعليهم واجباتهم وقد أتوا طوعاً، وربما كان العمل في الإمارات يشكل حلما لهم، وإلا لماذا حضروا إلى بلادنا، وهناك قانون عمل شفاف يضبط العمل وعقود واضحة بين الأطراف، وقد أصدرت الإمارات قوانين صارمة تقف إلى جانب العمالة، حيث إنه على أي شركة أن تعطي الموظف حقوقه كاملة، سواء ما يتعلق منها بالتأمين الصحي أو غيره، كما أن العقوبات تطال صاحب العمل في حال تأخر دفع الرواتب أو الاستقطاع منها أو زيادة ساعات العمل المحددة.

أما الموضوع الآخر الذي يثيره هندرسون في محاولة دنيئة لتشويه صورة الإمارات، فهو قضية سحب الجنسيات والحصول على جنسية جزر القمر، كأن دولتنا هي التي تمنح جنسية تلك الدولة أو تدفع إلى الحصول عليها، وحقيقة الأمر أنه في جميع دول العالم يحق لأي دولة سحب الجنسية ضمن القانون ضد من لم يلتزم بشروط حصوله عليها، وهؤلاء المسحوبة الجنسية الإماراتية منهم، لم يتم تسفيرهم بل أعطوا عدة خيارات لتسوية أوضاعهم، وفي المجمل فإن هناك مهاجرين غير شرعيين يعيشون في الإمارات منذ فترة طويلة، بعضهم وصل الإمارات وأحرق أوراقه الثبوتية بهدف الحصول على الجنسية الإماراتية، وهذا يحصل حتى في أكثر دول العالم تقدما في الغرب مثلاً، حيث هناك مئات آلاف المهاجرين غير الشرعيين وكثيراً ما يسافرون إلى بلدانهم إذا خالفوا القوانين، وعلى كل فنحن في الإمارات نتعامل معهم بطريقة إنسانية متسامحة ونعينهم ولم نرسلهم خارج الإمارات.

حقيقة الأمر أن الإعلام الغربي يتعامل مع القضايا الإماراتية من منظور ضيق، ويطلق أحكامه دون دراسة ومعرفة حقيقية للواقع الإماراتي، حتى يظهر بصيغة المتهجم الحاقد على الإمارات، وهذا غريب وربما يجدر بالصحفيين الغربيين زيارة الإمارات والتعرف عليها عن قرب حتى يصدروا أحكامهم بطريقة أكثر واقعية وصدقاً، كما أن واجبنا أن نطور الخطاب الإعلامي الخارجي وأن نرد على كل من يحاول تشويه صورة بلدنا.