سمير منصور

عندما يقبل الزعيم السياسي أو القائد الحزبي بتحمل المسؤولية، يصبح من الصعب عليه الحديث عن quot;الخروج عن السيطرةquot; تحت ضغط أي تحرك شعبي أو عشائري في quot;البيئة الحاضنةquot; لزعامته وقيادته، بل ربما من غير السهل إقناع أحد بذلك، ولا سيما إذا كان المتحدث في حجم الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله.
بالأمس القريب أقفل أهالي المخطوفين الـ11 في سوريا طريق المطار، فسارع السيد نصرالله الى طلب فتحها، فكان له ما أراد فوراً. يومها تساءل كثيرون: متى يصبح لدينا مسؤولون في الدولة يتمتعون بالنفوذ نفسه؟ وهذا النفوذ لا ينجم دائماً عن القوة وحدها، بل عن الثقة التي تبلغ حد الطاعة والتزام الاوامر. وقبل يومين تطرق الى التطورات الناجمة عن خطف مواطن لبناني في دمشق والرد بخطف مواطنين سوريين quot;بالجملةquot;، فقال إن quot;ما حصل كان خارج السيطرةquot;، وتابع محذراً: quot;يجب ان تتصرفوا على هذا الأساس وعلى الكل تحمل مسؤولياتهquot;... هل يعني ذلك أن quot;حزب اللهquot; حاول ضبط الامور ولم يتمكن؟ أم أنه غض الطرف أو كان صاحب دور ما في انفلات الامور وخروجها عن السيطرة؟
قطعاً لا. ولكن الأكيد انه يكفي ألا يتدخل الحزب لكي تخرج الامور عن السيطرة، ولا سيما في معقله في الضاحية الجنوبية. وبدا واضحاً أنه لم يتدخل سلباً ولا ايجاباً. ويمكن القول انه لو أراد، ففي استطاعته أن يعيد الامور الى نصابها تحت السيطرة...

ولعل قول السيد نصرالله في السياق نفسه quot;فسّروها كما تشاؤونquot; وحديثه عن quot;أداء مفجع لبعض الوسائل الاعلامية لجهة المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سورياquot; وعن quot;حفلة ابتزاز سياسي كبيرquot; يؤكد أن quot;السيّدquot; نأى بنفسه وبالحزب عن أعمال الخطف وقطع الطرق التي نفذتها quot;عشيرة آل المقدادquot; رداً على خطف أحد أبنائها في سوريا، وذلك للأسباب الآنفة الذكر، وإن لم تكن واضحة تماماً الرسالة التي أراد توجيهها، خلافاً للخطاب السابق الذي خصّص جزءاً كبيراً منه للرد على المواقف الاخيرة للرئيس ميشال سليمان في شأن quot;الاستراتيجية الدفاعية وحصرية الإمرة في توجيه السلاحquot;، على أن خطاب السيد نصرالله مساء الجمعة كذلك، لم يخلُ من غمز من قناة رئيس الجمهورية...
وثمة من ذهب بعيداً، إذ ربط التطورات الاخيرة أمنياً وسياسياً بتوقيف الوزير والنائب السابق ميشال سماحة على خلفية نقله متفجرات في صندوق سيارته من سوريا الى لبنان، نظراً الى الخصوصية والمكانة اللتين يتمتع بهما سماحة لدى النظام السوري وقربه من القيادة السورية!
وأما الكلام على quot;الأداء المفجعquot; لبعض وسائل الاعلام، فكلام حق. كان الأداء كارثياً في بعض المحطات التلفزيونية ولا سيما تلك التي حولت شاشاتها مباراة في quot;الزجلquot; على الهواء بين هذا الطرف وذاك، وكانت من حيث تدري أو لا تدري تصب الزيت على النار. وأما التلطي وراء الحرية تبريراً لهذا الأداء، فأقل ما يمكن القول فيه: بئس تلك الحرية... الحرية تحتاج الى أحرار ليمارسوها!