أحمد الدواس

التعايش السلمي مع دول الخليج هو الخيار الآمن لطهران

يعيش الاسرائيليون الآن ومعهم الساسة والضباط العسكريون حالة من التوتر والقلق حيث يعكف بعضهم على التفكير بضرب المنشآت النووية الايرانية قبل ان يقوم برنامج ايران النووي بصنع قنبلة نووية خلال المستقبل القريب قد تستخدمها في الهجوم على اسرائيل، طالما ان تصريحات القادة الايرانيين تهددهم من حين لآخر، وتراود اسرائيل فكرة ان تقوم مجموعة من طائراتها الحربية ترافقها طائرات التزود بالوقود لامدادها في الجو، لكن بعض الخبراء العسكريين الأمريكيين والاسرائيليين يشير الى خطورة هذا العمل بمايترتب عليه من مخاطر اقليمية تهدد المصالح الامريكية والاسرائيلية على السواء.
هناك مثلاً ثلاثة مسارات رئيسية للطيران الحربي الاسرائيلي للقيام بهذا العمل العسكري ضد ايران، المسار الأول وهو الطيران شمالاً فوق البحر المتوسط بين سورية وقبرص ثم الاتجاه شرقاً فوق الاراضي التركية فشمال العراق باتجاه ايران، ولكن قد تنشأ مشكلات دبلوماسية بين هذه الدول وايران اذا ماعبرت الطائرات الاسرائيلية مجالاتها الجوية، والمسار الثاني وهو الأقصر بأن تعبر المقاتلات الأجواء الأردنية ثم العراقية فايران، ولكن نظراً لعلاقة الصداقة بين العراق وايران فمن المحتمل ان تخطر العراق ايران بالهجوم الاسرائيلي الوشيك، كما انه سيثير أيضاً مشاكل دبلوماسية بين ايران والاردن، أما المسار الثالث فيقضي بأن تعبر المقاتلات الاسرائيلية الأجواء السعودية الشمالية فوق تبوك لكن السعودية حذرت، في وقت ما، بأنها ستعترض طريق الطائرات اذا مااخترقت المجال الجوي السعودي لأنها تريد ان تنأى بنفسها عن أي رد فعل انتقامي من جانب ايران قد يصيب المنشآت السعودية الحيوية، وهناك مسار رابع وهو انه طالما ان الحرب الأهلية في سورية قائمة فان بمقدور الطائرات الحربية الاسرائيلية اختراق الأجواء السورية عندما يضعف الدفاع الجوي السوري ثم العبور في شمال العراق، وهذا الخيار سيسمح لاسرائيل بأن تتجنب المخاطر العملية والسياسية الناجمة عن الطيران عبر الأجواء السعودية والاردنية والتركية وفي الوقت نفسه تسلك الطائرات طريقاً جوياً مباشراً نحو ايران.
يعتبر الاجراء الاسرائيلي laquo;عملاً عسكرياً خطيراًraquo; وفقاً لآراء الخبراء العسكريين وحتى لدى السياسيين فمن الطبيعي ان يكون رد الفعل الايراني قوياً، فالضربة الاسرائيلية سوف تثير غضباً شديداً لدى الايرانيين وسوف توحد صفوفهم خلف قيادتهم بعد ان كانوا ينتقدونها بسبب تدهور أوضاعهم المحلية، وتقوي النظام السوري الذي يترنح الآن في سورية، كما تشيع التطرف في العالم العربي في وقت يشهد خلاله انتقالاً حساساً للسلطة السياسية، ويحرض أيضاً حزب الله على الحدود اللبنانية للقيام بهجمات ضد اسرائيل، ويرفع من شأن حركة حماس في غزة، ويعرض القوات الامريكية في الخليج للخطر وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي، ويثير العمليات الارهابية عموماً، ويرفع عالياً سعر النفط ممايضر الاقتصاد العالمي، ويؤدي الى حرب اقليمية محتملة قد تكون حرباً طويلة الأمد، وستكون السفارات الاسرائيلية هدفاً لأعمال انتقامية، كما ستقصف عشرات الصواريخ اسرائيل بشكل يومي مستمر ولن يطأ السائح أرضها، واذا ماحاولت ايران اغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة البحرية فسوف ينطبق عليها مايٌسمى بـlaquo;مبدأ كارترraquo; ومفاده laquo;ان أية محاولة من جانب قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج سوف تٌعتبر اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الامريكية، وان هذا الاعتداء سوف يقاوم بأية وسيلة ضرورية بمافيها القوة العسكريةraquo;، وقبل أشهر أعلنت امريكا ان أي تعطيل لحركة المرور في المضيق laquo;لن نسمح به أبداًraquo;، فهل تعي القيادة السياسية الايرانية هذه المخاطر؟


ان بعض العسكريين الاسرائيليين والمحللين السياسيين الامريكيين لايؤيدون هذه المغامرة الاسرائيلية وكذلك نسبة كبيرة من الرأي العام الاسرائيلي، وهناك من الآراء داخل اسرائيل من يقترح ابرام اتفاقية سلام مع الفلسطينيين بأسرع وقت ممكن بالتنسيق مع امريكا واوروبا تطفيء حالة الاحتقان السياسي في المنطقة وللخروج من المأزق الاسرائيلي، واذا التزمنا الحياد في التحليل فانه يمكن القول ان ايران قد تستمر في تنفيذ برنامجها النووي لأن امتلاك قوة أو سلاح نووي أمر يدعو الى الشعور بالتفوق والاستعلاء، والغرب يدرك هذه الحقيقة ويحاول اتباع laquo;سياسة الاحتواءraquo; مع ايران للضغط عليها لكي تتخلى عن تنفيذ برنامجها النووي وهو، أي الغرب، سيرضخ للأمر الواقع كما حدث مع كوريا الشمالية وسيتبع مع ايران سياسة الاحتواء والضغوط السياسية والاقتصادية انتظاراً لانتفاضة ما داخل ايران قد تطيح بنظام الحكم اذا مابدأت أحوال الايرانيين المعيشية تتأثر بفعل العقوبات الغربية، والخلاصة ان ايران بمقدورها تصنيع السلاح النووي لكن هذا السلاح معطل ولن تستخدمه أبداً، ويبقى لها ان تختار اما التعايش السلمي مع دول الخليج أو تهديد الوضع في الخليج باثارة النعرات الطائفية، أو تجنب اثارة الشعور الطائفي وهو أمر في مصلحة المنطقة واستقرارها دون شك.