راجح الخوري

من الواضح ان روسيا سارعت الى نصب فخ لاجهاض مهمة الأخضر الابرهيمي من خلال اعلان نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل بعد محادثاته مع سيرغي لافروف في موسكو ان سوريا مستعدة لمناقشة استقالة الرئيس بشارالاسد في اطار مفاوضات مع المعارضة.
هذا الكلام مجرد لغم يحاولون دسه ومن موسكو تحديداً، بهدف اظهار النظام وكأنه منفتح على الحوار رغم الحرب التدميرية الشرسة التي يشنها منذ 18 شهراً، وبعدما افشل كل مساعي الحلول التي بذلتها جامعة الدول العربية ثم الامم المتحدة، عندما رفض تنفيذ البند الاول في نقاط كوفي انان اي وقف النار وسحب الاسلحة الثقيلة تمهيداً للتوصل الى عملية الانتقال السياسي التي يرفضها النظام مدعوماً من الروس والايرانيين.
اول ما سيواجهه الابرهيمي غداً هو ضرورة تحديد اولئك quot;المعارضينquot; الذين يقبل النظام مفاوضتهم وهم بالتأكيد جماعة النظام لكن بأقنعة المعارضة، في حين ان المعارضة الحقيقية ترفض قطعاً التفاوض مع الرئيس السوري الذي ذهب بعيداً في الحل العسكري، بما اوصل القتلى الى عشرين الفاً وجعل من المدن السورية ساحة مدمرة وارضاً محروقة.
هذا الواقع ليس خافياً على الابرهيمي الذي بدأ تصريحاته بالحديث عن quot;الوضع المرعب وضرورة وقف الحرب الاهليةquot; وهو ما لم يعجب النظام الذي سارع الى انتقاده، لكن ما لم يعجبه اكثر هو قوله: quot;ان التغيير لا مفر منه، تغيير جدي، تغيير اساسي وليس تجميلياً... ينبغي تلبية تطلعات الشعب السوريquot;. وعند هذا الحد صار مطلوباً اغراق الابرهيمي بأوهام الحديث عن الاستعداد لمناقشة استقالة الاسد لكن شرط ترتيب مفاوضات مستحيلة مع المعارضة وهو امر يعرفه النظام كما يعرفه الجميع!
ثم ان الابرهيمي يدرك جيداً مدى تمسك موسكو ببقاء الاسد رغم كل تصريحات لافروف الخشبية عن حق الشعب السوري في تقرير مصيره، كما يعرف حقيقة الموقف الايراني الذي يخوض مع حليفه الاسد quot;الشوط النهائي من المعركة التي ستقرر هوية الشرق الاوسطquot;، كما تعلن طهران صراحة. فعن اي استقالة ممكنة للاسد يتحدث قدري جميل بايحاء من موسكو التي تحفر حفرة مبكرة لإغراق الابرهيمي؟!
وعلى افتراض ان موسكو تستدرك الآن وتريد ان تخرج من سوريا بخسائر الحد الادنى بعدما ذهبت بعيداً في معاداة الشعب السوري، فماذا عن ايران التي ستخسر بذهاب الاسد ما بنته في ثلاثين عاماً، بما سيقطع الجسور الحيوية التي اوصلتها الى شواطئ المتوسط وسيمهد لخسارتها في العراق وكل منطقة الخليج التي تستميت لتكون فيها لاعباً كبيراً؟!
والحديث عن مفاوضة المعارضة وهم، والوهم الاكبر هو الحديث عن امكان استقالة الاسد.