عماد الدين أديب

السياسة مثل قصص الحب، يلعب فيها عنصر التوقيت المناسب دورا أساسيا، لذلك يجب على الحبيب أن لا يتأخر في اختيار الوقت المناسب لمفاتحة حبيبته وطلب يدها للزواج، ويجب على الزوج أن لا يتأخر كثيرا، عند اكتشافه لوصول الحياة الزوجية لمرحلة الحائط المسدود، في أن يكاشف شريكة العمر بضرورة الطلاق.

تذكرت هذه الدروس المستفادة من حياتنا الاجتماعية وأنا أتابع تصريحات نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل في موسكو، عقب لقائه الأخير بوزير الخارجية الروسي لافروف، ملمحا للمرة الأولى إلى احتمال أن يكون مبدأ استقالة الرئيس السوري بشار الأسد مقبولا للتفاوض بشأنه أثناء المفاوضات المنتظرة مع فصائل المعارضة السورية. وشدد نائب رئيس الوزراء السوري على أن مبدأ مناقشة موضوع استقالة الرئيس يجب أن لا يكون شرطا مسبقا للتفاوض، ولكن يمكن طرحه وتداوله داخل غرفة المفاوضات.

تعالوا نناقش هذا الطرح السوري الجديد، ولنفترض أنه طرح جدي، وليس من قبيل المناورة أو استجابة لضغط من لافروف، ونطرح السؤال: إلى أي حد تؤدي استقالة الأسد الآن إلى إنقاذ الموقف؟

إنني أسأل: هل الأزمة هي بشار أم أسرته؟ وهل هي أسرته أم طائفته؟ وهل هي الطائفة الكريمة أم الحلقة الأمنية التي تستبد بشؤون البلاد والعباد؟ أم هي نظام متكامل قام على مثلث طائفة وحزب وأمن؟

إن تفكيك النظام في سوريا يحتاج إلى التعرف بدقة على شبكة laquo;مثلث الدمraquo;، الذي كان يدير شؤون البلاد منذ أكثر من 42 عاما.

هذا النظام أيضا ربط نفسه بشبكة عميقة من المصالح التجارية والاقتصادية داخل وخارج سوريا، وقام بتغطية هذه العلاقات بشبكة تحالفات؛ من لبنان إلى فلسطين، ومن العراق إلى إيران، ومن الصين إلى روسيا. ويخطئ من يتفاوض مع laquo;النظام الأسديraquo;، إنه حينما يدخل غرفة المفاوضات يمكن له أن يتفادى حضور كل هذه القوى على طاولة المفاوضات.

ثم دعونا نسأل: هل سقوط الأسد يعني سقوط النظام البعثي الطائفي الدموي؟

قد يُقتل الأسد أو يتنحى أو يطلب اللجوء إلى الخارج، لكنه في النهاية سوف يترك خلفه شبكة قوى أمنية عميقة؛ في الجيش والشرطة والاستخبارات، وسوف يترك خلفه شبكة مصالح مالية وتجارية متحالفة مع أكبر العائلات التجارية في دمشق وحلب واللاذقية، وسوف يترك خلفه أيضا كوادر حزبية محلية ضاربة جذورها بعمق في القرار اليومي السوري.

لقد تعقد الموقف، بحيث أصبحت الاستقالة أمرا فات أوانه!