زهير قصيباتي

- رئيس الأركان الروسي: لماذا أنتم قلقون إلى هذه الدرجة في شأن سورية؟

- الرئيس بشار الأسد: laquo;نتقدم إلى أمام في معركة عالمية، الارتباط وثيق بين سياسات الدولة وعقيدة الشعب... وأما الذين يهربون (المنشقون)، ففي ذلك عملية تنظيف للدولة والوطنraquo;.

وبعدما أوقعت عملية laquo;التطهيرraquo; بالطائرات والدبابات والصواريخ حوالى أربعة آلاف قتيل في سورية خلال شهر، يتطوع العميد أبنوش قائد لواء laquo;صاحب الأمرraquo; في laquo;الحرس الثوريraquo; الإيراني في كشف ما تصر القيادة الإيرانية على إنكاره لتتبرأ من المذبحة الكبرى، بذريعة حماية النظام الحليف: laquo;اليوم نشارك في القتال بكل أبعاده، العسكرية والثقافيةraquo;.

ولم يقصد العميد البليغ بالأبعاد الثقافية، فنون الاستئصال والتهجير والتحريض على مزيد من القتل، مادامت المذبحة laquo;بعيدةraquo; عن أرض laquo;الجمهورية الإسلامية في إيرانraquo; ولم يعنِ بالطبع، تلقين الناشطين في الثورة أصول تنظيم المسيرات الليلية، ولا المقاومة بالشعارات على ما تبقّى من جدران.

الجواب عما لم يفصح عنه ابنوش (تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال)، يرد في laquo;نجاحraquo; محاولات قائد laquo;فيلق القدسraquo; في laquo;الحرسraquo; قاسم سليماني في إقناع خامنئي بأن حدود إيران تتجاوز جغرافيتها و laquo;النضال من أجل سورية، جزء لا يتجزأ من الحفاظ على الهلال الشيعيraquo;.

بعد كل ذلك، ألا يتبدد سبب العجب إزاء ثقة النظام السوري بقدرته على laquo;الحسمraquo;، ولو كلّف الأمر عشرات الألوف من القتلى، وكثيرون منهم على ارتباط laquo;عقائديraquo; بسياسة الدولة!؟ ألا تثبت طهران مجدداً أنها تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تجهر به من تحريض مبطن على مذهبية تدمّر دولاً إسلامية، فيما المرشد خامنئي يكيل الاتهامات يميناً ويساراً، ويتناسى ما تراه شعوب المنطقة: إذا كان من استكبار غربي، ما الذي يليق بتسمية للغطرسة الروسية التي تفتح العيون على laquo;الإرهابيينraquo;، ولم تعد تكترث لفصول القتل المروّع، ولو قضى يومياً على عشرات الأطفال؟ ما الذي تفعله طهران حين تعرض بيد laquo;مبادرة مصالحةraquo; بين النظام والمعارضة في سورية، وتدسّ باليد الأخرى مئات الصواريخ لإنقاذ حليف؟ عملياً تنصحه بمزيد من القتل والتدمير، كي يأخذ مَنْ يبقى حياً من السوريين عِبْرة من درس عواقب laquo;التطاولraquo; على محور laquo;الممانعةraquo;.

تريد قيادة خامنئي من قادة الدول الإسلامية في قمة حركة عدم الانحياز، أن يصفقوا لها ولغيرتها على laquo;وقف شلال الدمraquo; بين مسلمين. حسناً، فلنصغِ الى وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي، بعد تحطيم المذبحة الكبرى حاجز الـ25 ألف قتيل في سورية، يشيد بنهج النظام لأن laquo;سورية لم تطلب مساعدة حتى الآن، وتدير الوضع في شكل جيد جداًraquo;.

بين الذين ذهبوا إلى القمة، مَنْ تذكّر الضوضاء الإيرانية في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في غزة حين واجهوا العدوان الإسرائيلي، وتشجيع طهران laquo;حماسraquo; على القتال وضرب إسرائيل بالصواريخ، وما إن تطوّع إيرانيون للقتال حتى منعهم المرشد من المغادرة.

هي إذاً حرب كونية إيرانية بدماء العرب والمسلمين. وإذا كانت الأمثلة اللبنانية صارخة، كلما وضعت طهران إصبعاً في مياه لبنان العكرة- ولها أصابع عديدة- ليقتتل مسلمون، فالحال ان النموذج العراقي الذي بات ضلعاً كبيراً في laquo;محور الممانعةraquo;، لا يشبه بشيء أحلام المعارضة التي سعت الى إسقاط ديكتاتورية صدام حسين، فباتت اليوم أمام ديكتاتورية للوكيل وأخرى للأصيل، وراء الحدود... وإلا ما الذي يعطّل وحدة العراق وأبنائه، مَنْ الذي يفجّر ويقتل ويعذّب ويسطو على أموال البلد ويهرّبها؟

حيثما حلّ الحلم الإيراني بمواجهة laquo;الاستكبار العالميraquo; في المنطقة العربية، تسيل دماء، وطهران تصفق للشهداء. laquo;تعلِّمناraquo; كره إسرائيل، حتى إذا بتنا في مواجهة تموز آخر، نعدّ النعوش، ويكرّمنا المرشد بخطاب.

لكنّ سورية حربٌ laquo;كونيةraquo;، وما دامت كذلك في laquo;أدبياتraquo; طهران والنظام في دمشق، وبحمية الروس وأنانية بكين، وحلم إسرائيل بتدمير سورية وتفتيتها بأيدٍ سورية، بعد تحطيم قدرات العراق... هل نرى عجباً في بطولات الـ laquo;ميغ 23raquo; وهي تلاحق الأطفال والنساء السوريين في الملاجئ ووراء الخنادق؟

في بغداد يختار المالكي طائرات laquo;أف 16raquo;، من حق الأكراد الارتياب والتعلُّم من دروس العرب: ثروات للتسلح، ومزيد من القتل في الداخل.

إنها بطولاتنا، حيثما تركنا الحلم الإيراني يترعرع. أطاحت أميركا صدام وحكم laquo;طالبانraquo;، ارتاحت طهران، لا خدمات مجانية. فلننظر بتروٍّ: ضجيج حرب ووعيد بين المرشد وأوباما ونتانياهو... وأما الحرب الحقيقية والقذرة فرحاها أبعد بكثير من بغداد ودمشق واللاذقية وحلب.

كم طفلاً عربياً سنقتُل؟