علي حماده

بداية في الاساس: ثمة حقيقة ماثلة امام اعيننا وهي ان بشار الاسد سيسقط مهما فعل، ومهما قتل، ومهما استخدم من الاسلحة الفتاكة ضد شعبه. والاهم انه سيسقط مهما ارتفعت فاتورة الدم لان مشكلته ليست وجود مؤامرة quot;كونية quot; كما يزعم في خطابه الخشبي انما مشكلته التي لا حل لها هي ثورة شعب ضده، وتصميم الثوار وهم بالملايين على الانتهاء من quot;جمهورية حافظ الاسدquot; وانجاله و بطانتهم المافيوية.
النظام في سوريا لا يواجه مؤامرة خارجية بقدر ما يواجه ثورة شعبية وطنية بكل ما في الكلمة من معنى. ولو كان الامر مختلفا لما تأخر بشار في حسم المعركة. فقد مارس كل صنوف الاجرام واستخدم اكبر آلة قتل في المشرق العربي لتنفيذ مخططه، ولم يفلح. ففي مرحلة الثورة السلمية نزل السوريون بالملايين وكادوا يطيحون النظام عبر المد الشعبي. وفي مرحلة عسكرة الثورة التي اتت كرد فعل على توغل بشار في القتل لم يحسم معركة واحد حتى انتهى به الأمر اليوم الى خوض حرب دفاعية، في حين تواصل الثورة على فوضويتها وانقساماتها و ضعف امكاناتها التقدم يوما بعد يوم. وللدلالة المنطقية نحيل المشككين بما نقول على ما سماها بشار بـquot;ام المعارك quot; في حلب. وقد مضى اكثر من خمسة اسابيع عليها والثورة تقضم المدينة الكبرى يوما بعد يوم.
اذكر تماما اني كتبت هنا قبل ستة عشر شهرا ان quot;جمهورية حافظ الاسدquot; انتهت في اللحظة التي سقط فيها جدار الخوف في قلوب السوريين. ففي تلك المرحلة عرفنا ان النهاية لن يغيرها بشار لا بالسياسة، ولا بالمناورة، ولا بالقتل الجماعي الذي مارسه ولا يزال.
في لبنان ثمة من لم يصدقوا ان بشار ساقط. على سبيل المثال رأينا الجنرال ميشال عون يكرر تنبؤاته مرة تلو الاخرى بانتهاء الازمة السورية خلال ايام! و رأينا الامين العام لـquot;حزب اللهquot; ينظر لقوة النظام ليعود فينظر للحل السياسي في حين كان يزيد تورطه بدماء احرار سوريا. ولن نأتي على ذكر مهرجي سياسة في لبنان المعروفين الذين تبارزا شهوراً عدة في نظم معلقات سطحية عن منعة بشار ونظامه. وفي النهاية تغيرت صورة الواقع. وبدأنا نلمس تغييرا في لهجة كثيرين، ومحاولات غير معلنة لإعادة التموضع على قاعدة إن النظام في سوريا انتهى ولا امل يرجى منه. وثمة قنوات تفتح يوميا بين ايتام النظام في لبنان وقوى سياسية كانت حتى الامس القريب توصف بالعميلة لاسرائيل واميركا والصهيونية العالمية. ولعمري فإن العديد من منظري الممانعة و المقاومة (على طريقة بشار) ينفذون في هذه المرحلة استدارة كاملة من دون تطبيل.
اللافت اكثر هو عدم اكتراث هؤلاء لموقف quot;حزب اللهquot; الذي يهدد الجميع بعواقب تغيير quot;قواعد اللعبةquot; بينما يغيب عن بال قادته quot;انصاف الالهةquot; ان تلك القواعد سقطت منذ امد بعيد بما يحتم عليهم هم اجراء مراجعة وعدم التورط بزرع مزيد من الاحقاد هنا وفي سوريا.