احمد عياش


قضية الوزير السابق ميشال سماحة التي هزت لبنان ما زالت عصية على فهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد. فهو وصفها بأنها quot;فبركات وأساليب استخبارية للاساءة الى سوريا (...) حتى ولو اعترف سماحة!quot;. أما اللبنانيون الذين لا يشاطرون مقداد الرأي بالجملة ربما التقى البعض منهم معه في شيء من عدم التصديق ان تكون هذه القضية التي كانت تهدف الى تدمير لبنان لا هزه قائمة على مبلغ 170 الف دولار دفعها اللواء السوري علي مملوك عبر سماحة الى المخبر ميلاد كفوري كي يوزعها على الافراد الذين كانوا سيكلفون بتنفيذ مخطط التفجيرات والاغتيالات في شمال لبنان. فهل أصبح سعر تفجير لبنان عبر شماله يساوي 170 الف دولار؟
المسألة في نهاية المطاف ليست ان يصدّق مقداد او لا يصدّق. فالصورة التي شاهدها اللبنانيون ومن اهتم معهم في العالم كانت لسماحة حاملاً كيساً يحتوي على 170 الف دولار في لحظة تسليمه اياه لكفوري. أما في المحضر الذي نشرته quot;الجمهوريةquot; فيقول quot;المخبرquot; اي كفوري لسماحة في اللقاء التحضيري في 21 تموز الماضي: quot;اذا تأمن 200 الف بيعطي كل واحد منن (منهم) مرتو (امرأته) 50 الف وبيتسهلواquot;. ويأتي جواب سماحة لكفوري في اللقاء في اول آب الماضي: quot;ماشيين (السوريون) بس في تعديل بسيط هلق (الان) المبلغ نزلو (السوريون) لـ170 (...) بتعرف شو أوضاعن (اوضاعهم)quot;.
الصفقة التي ادارها سماحة كما قال باسم الرئيس السوري بشار الاسد ورجل الامن الاول في دمشق اللواء علي مملوك بلغ سعرها هذا الرقم. لكن هل بلغت اوضاع الناظم السوري هذا الدرك لكي يساوم فيخفض المبلغ من 200 الف الى 170 الفاً؟
المعلومات المتداولة تفيد ان ثروة الاسد الشخصية والتي استقرت في مصرف روسي تتجاوز الـ20 مليار دولار. وتجار العقارات في لبنان يروون حكايات عن اثرياء سوريين يدفع الواحد منهم ملايين الدولارات عدّاً ونقداً لقاء تملك شقة او اكثر. أليس في قدرة الاسد عبر مملوك ان يوفر مبلغاً اكبر لتفجير الشمال؟ ثم اين هم حلفاء دمشق القابعين فوق مليارات الدولارات وفي طليعتهم quot;حزب اللهquot; الذي كان سيوفر اكثر بكثير من 170 الف دولار ومن دون ان يعرف السبب اذا ما جاءه مرسال النظام السوري بأن يفعل ذلك؟
هناك لغز في الموضوع. لعل مقداد، وهو في حدود ما يعلم، يدرك ان رقم الـ170 الف دولار غير قابل للبلع في وقت يسبح فيه اركان النظام ببحر المليارات من الدولارات. أما سماحة، فهو إما صادق عندما ذرف الدمع على اوضاع الاسد ومملوك النقدية وإما مخادع فاستفاد من مبلغ كبير لكنه آثر ان ينجز الصفقة بـ170 الف. وفي كلا الحالتين انتهى الكيس الى شعبة المعلومات وانتهى سماحة وراء القضبان. وحتى إشعار آخر فان سعر النظام السوري في لبنان صار 170 الف دولار. وإذا ما احتج على ذلك فعليه ان يصدر توضيحاً ليقول كم دفع لسماحة الذي تسبب له بورطة ستروى لزمن طويل