شتيوي الغيثي


على الرغم من أن تشكل الطوائف الإسلامية كان بسبب المعطى السياسي أكثر من الديني على تداخلهما إلا أن تحول التفكير من صراع سياسي إلى صراع ديني يأخذ أحيانا منحنيات خطيرة يمكن لها أن تبرر أقذر التصرفات غير الإنسانية تجاه بعضهم، فيحرم الكثير من الناس في العام العربي حقوقهم لمجرد اختلافهم الطائفي فضلا عن التغاضي المتبادل عن التصفيات الجسدية والقتل الطائفي الذي يمارسه بعض الساسة تجاه الطائفة المختلفة عن طائفته، أو السكوت عن التجاوزات غير الأخلاقية تجاه الطوائف الأخرى، ولعل غياب حقوق المواطنة أقلها مع أنها الأصل في الممارسة السياسية تجاه المخالفين.
الصراع السياسي بين أكثر من دولة يمكن له أن يعيد الشحن الطائفي أقصى مداه ليس اهتماما بالفكر الذي تتبناه الدولة التي ترفع شعار الطائفية وإنما لمجرد شحن الجماهير لتتبنى مواقفها، التبني الذي يعني التضحيات من أجل مكتسبات سياسية لن تعود على الجماهير في شيء، بل يمكن أن تعمق الهوة الاجتماعية بين الطوائف المختلفة في داخل الدولة الواحدة. العراق مثلا بوصفها من أكثر الدول العربية تعددا طائفيا وصل الشحن فيها إلى حد القتل المتبادل، وسوريا مثال آخر لذلك رغم أنني أعتبر أن الحرب الدائرة هي بين البعض كنظام والمجتمع أكثر منها طائفية، لكن دخلت الطائفة على الخط بعد أن كانت غائبة كتعاضد سياسي لتفسد أهمية الثورة.
الشحن الطائفي هو شحن سياسي قبل أن يكون دينيا فالقضية في الأخير لصالح السياسي على الديني والدليل غياب التفكير الطائفي لدى السياسي واستثماره فقط في وقت الأزمات السياسية. الإشكالية أنه لن يتوقف مع انتهاء الأزمات السياسية بل يمتد سنوات طويلة جدا لأن الدم قد سال طائفيا، لذلك فمن الصعوبة بمكان أن تعود المياه لمجاريها، أو منابعها الاجتماعية الصافية، إلا بوعي سياسي يأخذ بكامل مبدأ المواطنة.