ايتان هابر

ما العلاقة اذا كانت توجد علاقة أصلا بين الأنباء التي نشرت في الاسبوع الماضي عن اخفاقات الالمان الهُواة في مذبحة رياضيي الوفد الاسرائيلي في الالعاب الاولمبية في ميونيخ وبين حضور الامين العام للامم المتحدة في نهاية الاسبوع الماضي لمؤتمر دول عدم الانحياز في طهران؟ توجد علاقة. ففي الحالتين برغم ان اربعين سنة تفصل بين الحادثتين، الحديث عن عالم هازل وعالم شك وعالم تسلك فيه دولة اسرائيل منذ أكثر من اربعة عقود وكأن مئتي دولة اخرى هي قمامة تكرهنا فقط؛ وفيها معاداة للسامية. ونحن ننشد احتفاءا بها 'العالم كله ضدنا' ونقرأ في الكتب المقدسة ان 'وصية الله هي التي ستقوم'.
اليكم تخمينا لمسار التفكير الالماني آنذاك وهو قوله: انتظرنا هذه الالعاب الاولمبية سنين، وأنفقنا مليارات الماركات وقلبنا العالم، كل العالم، وجاءت عشرات الدول للمشاركة في الالعاب الاولمبية فهل ندَع عددا من الفلسطينيين وعددا من اليهود من اسرائيل يُفسدون علينا هذا الاحتفال؟ مات 11 رياضيا، ووقفنا دقيقة صمت فماذا تطلبون منا بعد؟.
واليكم تخمينا لمسار تفكير الامين العام للامم المتحدة بان كي مون (واليكم كشفا حسنا هو أنني من اصدقائه): أرسلت 120 دولة مندوبين الى المؤتمر في طهران وهي ثلثا اعضاء الامم المتحدة اليوم. فهل أقاطع هذا المؤتمر وأخاصم 120 دولة وأتشاجر معها، من اجل ماذا؟ أمن اجل دولة اسرائيل؟ مع كل الاحترام، أنا الامين العام للامم المتحدة ولست حاخام كريات أربع. هل طهران مرفوضة وخطيرة على سلام العالم؟ هذا مؤكد. لكن الايرانيين لا يملكون الى الآن قنبلة ذرية، فما حالكم أنتم؟.

ان المشترك بين هاتين الحالتين وبين الجو و'الوضع' اليوم في العالم، هو أن معاداة السامية أخذت تقوى وتغلي وتفور و'العالم كله ضدنا'. صحيح ان العالم اليوم أكثر من كل وقت مضى هازل وقاس وبراميل النفط من السعودية أهم عنده كثيرا من حياة يهود طائفة باريس أو بونس آيرس. ولا يحمل أكثر قادته اليوم، وهذا مؤكد في اوروبا، على أكتافهم تبعة المحرقة. فالمحرقة عندهم في حالات كثيرة فصل من كتب التاريخ كحروب نابليون وحرب القرم. فماذا نفعل؟ ان العالم في 2012 غير ذوقه وقادته وآراءه. وهو نفس العالم الغريب والمضحك والهازل وغير العادل المستعد للاعتراف بحق اسرائيل في الوجود في مواقع احتلتها وحررتها في 1948 لكنه غير مستعد للاعتراف على أية حال من الاحوال بنتائج حرب الايام الستة في 1967.
أليس عادلا؟ أليس نزيها؟ أليس صحيحا؟ هذا هو الواقع. ألا يعجبنا هذا؟ فلنرسل الى البلدان الخارجية كتائب من الاعلاميين ينفقون المال والزمن ويحاولون الاقناع وربما ينجحون هنا وهناك ايضا، لكن النتيجة ستكون نفس النتيجة كما كانت في الحالة الشريرة (الالعاب الاولمبية في ميونيخ) والحالة السيئة (الامم المتحدة في طهران). ولن تكون لمصلحتنا على أية حال من الاحوال.
نستطيع في السنين القريبة ان نفعل شيئا من شيئين: فاما الاستخفاف بالعالم الذي لا يريدنا ولا يريد مصلحتنا، وإما الاستمرار في العيش في ظل منشآت ذرية حولنا (هل تذكرون كيف لم نعرف بذلك في ليبيا لولا ان تفضل الامريكيون بابلاغنا وكيف عرفنا بما كان في سوريا بالصدفة فقط؟) وأن نزعم ان العالم كله أصلا معاد للسامية ويريد السوء لنا. ونستطيع ايضا ان نحاول اقتلاع إبر السُم بدعاوى ان العالم ضدنا في الأساس بما يتعلق باحتلالات 1967. ويصاحب هذا الكثير من المعاناة وخيبات الأمل والدموع، لكن هذا ما يريده العالم الهازل. أليس عادلا وليس نزيها؟ صحيح فماذا نفعل اذا؟ هل ننتظر الى ان يعترف العالم بعدلنا وبحقنا في هذه البلاد؟ ان المسيح المُخلص الذي أصبح موجودا في تل ابيب بحسب أنباء منشورة مختلفة، سيأتي كما يبدو قبل ذلك العالم.
وما الصلة بعد بين الكشف عن وثائق الالعاب الاولمبية في ميونيخ ومشاركة الامين العام للامم المتحدة في مؤتمر دول عدم الانحياز؟ أنهم عندنا فقط في اسرائيل تأثروا بهاتين الحادثتين. ان العالم الساخر القاسي غير العادل تأثر بصور عُري الأمير البريطاني أكثر. لكن هذا بسبب ان 'العالم كله ضدنا' ونحن 'شعب يسكن وحده'. كم نحب الوحدة.


يديعوت