صالح القلاب


قد تكون أكثر من سذاجة سياسية أن يبقى الرهان مستمراً ومتواصلاً من قبل بعض العرب على إمكانية أن تغير روسيا مواقفها تجاه الأزمة السورية، وأن ldquo;تكفَّ شرَّهاrdquo; عن الشعب السوري، وتوقف تدخلها السافر في الشأن الداخلي لدولة عربية، وتضع حداً لمشاركتها المباشرة في سفك دماء السوريين والوقوف خلال الثمانية عشر شهراً الماضية إلى جانب بشار الأسد، الذي لولا كل هذا الدعم الروسي بالقواعد البحرية وبالخبراء وبالسلاح وبالدبلوماسية الصماء المتحيزة، لكان رضخ لمطالب شعبه واختار التنحي ومغادرة موقع الحكم بطريقة سلمية.
لقد بقي سيرجي لافروف يتصرف على أساس أنه ldquo;صقرrdquo; الدبلوماسية السورية لا الروسية، وبقي يضع العصي في ldquo;دواليبrdquo; كل المحاولات العربية والدولية التي بُذلت لحل هذه الأزمة، التي تحولت إلى حرب أهلية مدمرة، سلمياً، والمعروف أن موسكو هي التي أفشلت خطة كوفي أنان المعروفة التي نص بندها الأول على ضرورة أن تكون البداية سحب القوات النظامية من المدن وإعادتها الى معسكراتها السابقة قبل أن تبدأ هذه الأحداث التي اندلعت في مارس من العام الماضي.
آخر ما قاله وزير خارجية روسيا في هذا المجال هو: ldquo;عندما يقولون إنه يجب على الحكومة السورية وقف العمليات وسحب القوات والآليات العسكرية من المدن ومن ثم التوجه إلى المعارضة، فإن هذه خطة غير قابلة للتطبيق إطلاقاًhellip; إنها سذاجة واستفزازrdquo;. وهذا يعني أن موسكو لا تريد لهذا الاقتتال أن يتوقف، وأنها مصرة على خوض صراعها مع الولايات المتحدة حتى لو لم يبقَ سوري واحد على قيد الحياة وحتى لو لم يبقَ حجر على حجر في كل سورية.
ولهذا فإنه لابد من القول مرة أخرى إن السذاجة الحقيقية والفعلية هي أن يستمر بعض العرب في الرهان على إمكانية أن تغير روسيا موقفها تجاه الأزمة السورية، وأن توقف دعمها السافر بكل الأشكال والأساليب لنظام مجرم ارتكب كل هذه المذابح التي ارتكبها في مدن وقرى سورية كلها، وأقحم البلاد في حرب أهلية مدمرة وقذرة ستؤدي حتماً إن هي استمرت بكل هذا العنف إلى اتخاذ منحىً طائفي سيؤدي إلى التقسيم الذي هو أم الكبائر، فالدول وبخاصة إذا كانت مثل هذه الدولة الروسية لا تفهم لغة العواطف ولا لغة الدبلوماسية الهادئة الناعمة، بل لغة المصالح، والمعروف أن مصالح موسكو في المنطقة العربية لا تُعد ولا تُحصى.
ولهذا أيضاً فإنه لابد من إمساك روسيا من الذراع التي تؤلمها ولابد حتى توقف مشاركتها لبشار الأسد في سفك دماء الشعب السوري وفي تدمير سورية وتمزيقها ودفعها دفعاً إلى الحرب الأهلية والانقسام الطائفي، من أن يكون هناك قرارٌ عربي بإغلاق السفارات الروسية في العواصم العربية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة الملطخة اليدين بدماء السوريين، ولابد أيضاً من إنهاء كل أشكال الروابط الاقتصادية مع هذه الدولة التي على رأسها هذا القيصر الصغير فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف، الذي أثبت أنه هو مَنْ يقود غرفة عمليات هذه الحرب القذرة التي يخوضها هذا النظام ldquo;الطائفيrdquo;، وليس نظام الطائفة، على شعب من المفترض أنه شعبه.