عماد الدين أديب

لا بد من المتابعة الدقيقة لحالة الحوار والجدل العلني والسري الحادثة الآن بين واشنطن وتل أبيب حول الرغبات الإسرائيلية المتكررة التي أبدتها قيادات الحكومة بتوجيه ضربة مجهضة للمشروعات النووية العسكرية.

إسرائيل سياسيا وعسكريا تريد، بينما واشنطن ترى أن الظروف الداخلية الأميركية ليست مؤهلة للمشاركة أو لتأييد مثل هذه الضربة العسكرية.

الولايات المتحدة من يومنا هذا حتى إعلان اسم الرئيس الأميركي المقبل لمقعد الرئاسة يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) ثم حلفه لليمين الدستورية يوم 20 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل معطلة في أي نشاط سياسي كبير وغير مؤهلة للمشاركة في أي عمليات عسكرية كبرى سواء في أفغانستان أو محاصرة سوريا عسكريا أو دعم ضربة laquo;جوية جراحيةraquo; لإيران.

إذن واشنطن مصلحتها وظروفها اليوم ضد العمل العسكري.

أما تل أبيب، فهي في وضع سياسي داخلي مريح لا يشعر فيه نتنياهو بأي تهديد من أي قوى سياسية منافسة بشكل جدي، ويرى أنه في حال الدعوة - فرضا - إلى انتخابات برلمانية مبكرة فإنه وحلفاؤه لديهم القدرة على العودة للحكم بكل سهولة.

مزاج الناخب الإسرائيلي يميل إلى اليمين ويمين الوسط.

أما المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فإنها اتخذت قرارها منذ 4 سنوات كاملة وبدأت خطة عسكرية وأعادت منظومة تسليح الدفاع الجوي وسلاح الطيران بحيث تكون لديه القدرة على توجيه laquo;ضربة وقائية مسبقةraquo; لأهداف بعيدة بنفس مسافات بعد الأهداف الإيرانية، وأيضا تقوية فاعلية نظام الدفاع الجوي للتمكن من التعامل مع الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى التي يمكن أن تطال المدن الإسرائيلية ذات الازدحام السكاني.

إذن في المقابل إسرائيل راغبة وقادرة على توجيه الضربة.

ومما تسرب مؤخرا من اللقاءات ذات المستويات العليا بين المسؤولين في واشنطن وتل أبيب، أن الإدارة الأميركية حذرت رسميا الحكومة الإسرائيلية من الإقدام على ضربة عسكرية حالية ضد أهداف إيرانية.

وجاء في هذه التسريبات التي نشرتها الصحف العبرية أن الخلاف الأميركي مع إسرائيل ليس في المبدأ الخاص بتوجيه الضربة أو ضرورتها ولكن في اختيار التوقيت المناسب الذي يوائم الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة التي لا تجد على أجندة ظروفها السياسية سوى الاقتصاد والبطالة وبرنامج الرعاية الصحية والجدل حول برنامج جديد للضرائب العامة.

الولايات المتحدة الأميركية تنظر داخل حدودها، وإسرائيل تتابع بقلق ما يدور خارج حدودها، وحتى الآن لم يعرف بعد من الذي سيراعي ظروف ومعادلات الآخر ومصالح الآخر؛ واشنطن أم تل أبيب؟

تلك هي المسألة.