لكل سوري في مخيمات اللاجئين قصة ومأساة، لكن المشترك في ما بينهم تصاعد في وتيرة الخطاب المشحون طائفيًا، ورغبة قوية بالانتقام من علويين قتلوهم وهجروهم، لا تستثني منهم أحدًا، حتى الأطفال.

إيلاف: تتعزز يومًا بعد يوم ، مع استمرار الحرب في سوريا وهجرة السكان من مدنهم ، المشاعر الطائفية ، التي تؤججها المآسي اليومية للناس في انحاء البلاد المختلفة . وتنقل مراسلة صحيفة (الغارديان) هارييت شيرويد ، في هذا الصدد حكايات لسوريين مهجرين مقيمين في معسكرات اللجوء عن الرغبة في الانتقام من الطرف الآخر، في اشارة واضحة الى عمق الفتنة الطائفية التي وجدت لها موطىء قدم هناك .

ففي مخيم الزعتري للاجئين السوريين تسمع قصص العنف الطائفي الدائر في سوريا بشكل يومي متجسدة في مشاهد مروية فظيعة عن القتل الطائفي يتداولها حتى الاطفال.
وبحسب المراسلة في تقريرها في صحيفة القدس العربي ، فإن quot;لكل طفل حكايته مع الخوف الا أن بعضهم يحمل معه قصصًا عن الانتقام والانقسام الطائفيquot; .
ونقلت صحيفة (نيويورك تايمز) من المخيم ذاته شهادات اطفال يحلمون بالعودة الى سوريا، ولكن من دون أن يكون فيها علويون.
وتستطرد الصحيفة quot; اذا كان المقاتلون ضد الاسد يصورون معركتهم على أنها كفاح من اجل الديمقراطية، فالاطفال في مخيم الزعتري لديهم حكايات عن العنف الطائفي، والكراهية فعندما تسألهم عما سيفعلون حالة عودتهم الى سوريا يجيبون أنهم لن يلعبوا ابدًا مع الاطفال العلويين بل اقسموا على قتلهمquot; .
و تَستطرِد الصحيفةبالقول quot; الحقد الذي يحمله الاطفال، وهو صورة عن حقد الآباء، يفسر السبب الذي يدفع العلويين للوقوف الى جانب بشار الاسد الذي يرونه الحامي لهمquot;.
ونقلاً عن الصحيفة، فإن quot;الاطفال يرفضون اللعب مع اقرانهم العلويين مما يشير الى تحديات التوصل لحل سياسي للأزمة quot; .
وعندما يجد الاطفال والصبيان أنفسهم وهم يتحدثون وبعفوية عن القتل والدم فهذا يعني أن الحرب تركت جراحها على نفسيات الاطفال بل وعلى جيل كامل.
وينقل التقرير عن عاملة في منظمة انقاذ الطفولة قولها: quot; الاطفال ليسوا وحدهم من تغذوا بالحقد بل وكذلك الآباءquot; .
ويرى باحثون في الشأن السوري أن الاحقاد التاريخية بين العلويين والسنة، والتي تراكمت منذ العهد العثماني وغذاها الاستعمار الفرنسي تجعل من العلويين يؤمنون أن السنة سيقتلونهم، وهذا يفسر الطريقة الوحشية التي يقوم بها الجيش ـ العلوي في غالبية قيادة - قتل السنة.
ويرى جوشوا لانديز الباحث في الشؤون السورية أنه لا يرى مخرجًا في الوقت الحالي، قائلاً: quot; نحن امام طريق طويل ونصلي من اجل أن يتجاوز السوريون الوضعquot;.
والنصيرية أو الطائفة العلوية هي طائفة من الشيعة. ولهم نفس تسلسل الأئمة الإثني عشر، وقد افترقوا عن الاثني عشرية بعد الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، وكان الاختلاف في المرجعية والزعامة وأمور أخرى.
ولكن الاطفال في المخيم يتساءلون ايضًا عن السبب الذي يدفع الجيش كي يقصفهم حيث يقولون إن مطالبهم بالحرية والديمقراطية هي السبب، حسب ما يقول احمد من منطقة حوران، ويتدخل والده ليضيف quot; أي جنرال علوي صغير يمكنه أن يدوس على رقبة أي جنرال كبير، وأي ضابط علوي يمكنه أن يهين أي ضابط اعلىمنه رتبةquot; .
وتفسر الصحيفة الاحقاد ضد العلويين بأنها نابعة من quot;تصرفات الضباط ورجال الامن من ابناء الطائفة حيث يقوم هؤلاء بإهانة السنة وتجريح كرامتهم، وهناك اعتقاد عام بين السنة أنه لم يعد هناك مجال للتعايش معًا وفي بلد واحدquot;.
ويحاول عمال الاغاثة العاملون مع اللاجئين تجنب الحديث عن العامل الطائفي، فهم يعتقدون أن من بينهم قد يكون هناك عدد من العلويين والشيعة الهاربين من الحرب ويتظاهرون بأنهم سنة خوفًا على حياتهم. وتشير شهادات الاطفال الى أن بعضهم مستعد للانتقام من أي علوي حتى لو كان في مثل سنه، ويكرهون مع العلويين، حسن نصر الله زعيم حزب الله الذي لم يدعم حزبه الانتفاضة، اضافة الى روسيا والصين.
وعلى الصعيد السوري ايضًا ، يكتب علاء حمزة في صحيفة (الوطن) السعودية عن أخبار ومزاعم تتضمن quot; قيام سوق لتزويج سعوديين و خليجيين وأردنيين من نازحات سوريات قاصراتquot; .
ولا يستبعد حمزة quot;أن تكون هذه القصص من صنع مخابرات النظام السوريquot; .
ويسترسل حمزة quot; أول دلائل على كذب هذا الخبر، هو أنه يتداول في مئات المواقع الإلكترونية بصيغة واحدة مع بعض التعديلات، مما يدل على أنه خارج من مصدر واحد، وإذا تمعنت في هذه الصيغة ستجدها تحريضًا صريحًا، ومحاولة لشق الصف العربي المصطف مع الأشقاء السوريين والمدافع عن حقهم في الأمن، والحياة الكريمة، ضد ما يتعرضون له مع عمليات إبادة منظمة، من قبل النظام الطاغي في دمشق، ومحاولة لرسم صورة بشعة لهذا الشقيق الراكض وراء أدنى شهواته، في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب السوري المجاهد لأعلى هممهquot;.
ويتوالى حديث حمزة quot; هذه الاخبار الموجهة تطبخ في الساحات الخلفية لأجهزة مغرضة لأهداف محددة، ونأسف أن يكون بيننا من يتداول مثل هذه الأنباء بحسن نية، ومن دون تمعن في عواقبها، فكيف سيكون موقف الشعب السوري من خبر كهذا يستهدف كريمات وحرائر الشام، اللواتي ضربن أروع الأمثلة للتضحية والفداء في هذه المعركة غير المتكافئة.