لندن


ثلاث قضايا رئيسية كانت محور معظم الخطب التي القيت يوم امس في افتتاح الدورة السنوية للجمعية العامة للامم المتحدة، وهي الازمة في سورية والبرنامج النووي الايراني والثالثة الفيلم المسيء للدين الاسلامي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
الرئيس الامريكي باراك اوباما اكد ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يجب ان ينتهي، وتعهد بمنع ايران من انتاج اسلحة نووية لان هذا يشكل خطرا على اسرائيل، ولكنه دافع بشدة عن 'حرية' التعبير، وحاول ان يبرر انتاج الفيلم المسيء تحت ذريعة صعوبة السيطرة على تكنولوجيا المعلومات.
اللافت ان الرئيس اوباما قدم عرضا للازمات الثلاث، ولكنه لم يقدم خططا استراتيجية محكمة حول كيفية التعاطي معها فرادى او مجتمعة، سلما او حربا، وربما يعود مرد ذلك الى انشغاله بحملته الانتخابية الرئاسية التي تقف على اعتاب شهرها الاخير.
وبينما اعتبر بان كي مون امين عام الامم المتحدة الازمة في سورية بانها 'كارثة اقليمية لها تداعيات عالمية، وتهديد خطير ومتزايد للسلام والامن الدوليين يتطلب اهتمام الامم المتحدة' الا انه عندما تحدث عن حدوث خروقات وحشية لحقوق الانسان في سورية حمل الحكومة والمعارضة في آن مسؤولية هذه الخروقات.
امير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني كان الوحيد الذي طالب بالتدخل العسكري في الازمة السورية، ولانه يدرك جيدا ان الولايات المتحدة مترددة في هذا المضمار رغم الضغوط الشديدة الممارسة عليها، خاصة من دول عربية واوروبية وتركيا، فانه اقترح ان يتم هذا التدخل العسكري من قبل الدول العربية لوقف سفك الدماء.
هناك من يجادل بان الشهرين القادمين هما شهرا الجمود بالنسبة للادارة الامريكية، وبالتالي للعالم باسره الذي سيظل ينتظر نتائجها النهائية، مما يعني، حسب هؤلاء، ان معظم القضايا الدولية الحساسة والمتفجرة مثل الازمة السورية والملف النووي الايراني ستعيش حالة من الشلل.
المشكلة تكمن في ان غياب الحلول السلمية او العسكرية الحاسمة يترتب عليه المزيد من التعقيدات، والمزيد من القتلى والجرحى، ونحن نتحدث هنا عن الازمة السورية على وجه التحديد.
الرئيس اوباما لا يحبذ التدخل العسكري في الازمة السورية خارج تفويض من مجلس الامن الدولي، وهذا التفويض بات مستحيلا في ظل الموقفين الروسي والصيني الداعمين للنظام في دمشق وهذا يعني عمليا ان الازمة السورية ستطول لاشهر وربما لسنوات.
الجمعية العامة للامم المتحدة باتت مثل ركن الخطباء في حديقة هايد بارك اللندنية، يتقاطر عليها الزعماء من اجل التمتع بلحظات خطابة قصيرة عبر منبرها لا تزيد مدتها عن عشرين دقيقة في افضل الاحوال.


اللقاءات الجانبية مع الرئيس الامريكي كانت تشكل اهمية خاصة سياسية واعلامية، ولكن الدورة الحالية اختلفت عن كل الدورات السابقة، فالرئيس الامريكي اوباما اتخذ قرارا بان لا تطول مدة اقامته في نيويورك عن 24 ساعة، بما فيها الذهاب والاياب والانتظار لسببين، الاول هو انشغالاته الانتخابية، والثاني رغبته في تجنب اللقاء مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الامر الذي دفعه لعدم اللقاء باي زعيم آخر تجنبا لانتقادات نتنياهو واللوبي اليهودي الداعم له.
بعد ايام معدودة سينفض هذا المهرجان الخطابي، وستعود الطيور المغردة الى اعشاشها، وتستمر الازمات وما تفرزه من سفك لدماء الابرياء، بينما ينشغل العالم لاسابيع في متابعة الانتخابات الرئاسية الامريكية املا في انتصار هذا المرشح او ذاك كل حسب مصالحه ومواقفه الايديولوجية.