عبدالله اسكندر

يراهن الموفد المشترك الدولي - العربي الأخضر الابراهيمي على ان يحصل على تأييد من كامل اعضاء مجلس الامن، خصوصاً الدول ذات العضوية الدائمة، من اجل الانخراط فعلياً في ايجاد حل للحرب في سورية والتوصل الى تسوية. وهو ركز خلال احاطته الاولى لمجلس الامن على ان هذا الصراع بات يهدد السلم والامن الاقليمي والدولي، ما يفرض على مجلس الامن بكامل اعضائه ان يتعامل مع الموضوع، اذ إن الحفاظ على هذا السلم والامن هو من صلب وظيفته. بعدما تذرع كل من روسيا والصين بأن النزاع في سورية مسألة داخلية وتالياً لا يقع تحت ولاية المجلس.

ولمناسبة عقد الجمعية العامة للامم المتحدة حيث يتواجد في مكان واحد جميع اصحاب القرار في العالم وحيث يمكن ان يعقد مجلس الامن جلسة على مستوى رفيع، يأمل الابراهيمي الانطلاق بمهمته في غضون الاسابيع القليلة المقبلة.

ويعطي الوضع الميداني على كامل الحدود السورية حجة اضافية للإبراهيمي. اذ باتت القذائف والاشتباكات العابرة للحدود السورية مع دول الجوار شبه يومية، من الشرق مع العراق ومن الشمال مع تركيا ومن الجنوب مع الاردن وصولاً الى الجولان المحتل ومن الغرب مع لبنان. وبغض النظر عن اسباب هذه الاشتباكات الراهنة والردود المحدودة لدول الجوار، فإن احداً لا يستطيع ان يضمن احتمال انزلاقها الى مواجهات مع هذا الجار او ذاك، مع ما ينطوي عليه ذلك من تعميم للحروب الاقليمية والداخلية، نظراً الى التداخل بين المطالب الاصلاحية والانشطار السياسي والمذهبي في هذه البلدان.

لكن ما يجري على الارض داخل سورية وعلى حدودها قد لا يتطابق مع حسابات كل من الدول المعنية. وبات واضحاً ان الدماء الغزيرة والدمار الشامل للمدن والبلدات السورية وأن فيضان هذه الحرب على الجوار، لم تؤثر حتى الآن في اعادة النظر لهذه الحسابات. وإن كان بعض التطورات الميدانية يدفع في اتجاه استنتاج ما، لا يلبث صاحبه ان يتراجع عنه.

بكلام آخر، بات من المؤكد ان لعبة الامم في سورية لم تنضج بعد من اجل ايجاد تسوية متوافق عليها في مجلس الامن. على رغم ان الصراع بلغ حدوداً من العنف والقتل والتدمير لا سابق لها. كما ان الصراع بات يتعمم شيئاً فشيئاً في بلدان المنطقة، مع ما ينطوي عليه من مخاطر حرب شاملة تُضاف الى عوامل اخرى في هذه المنطقة المتوترة وحيث لا تُسمع إلا قرقعة السلاح.

في موازاة لعبة الامم هذه، لم يظهر من النظام اي تغير في استراتيجية الحل الامني. فهو مستمر بالدفع بكل ما يملك من الاسلحة الثقيلة وسلاح الجو في مواجهة المعارضة المسلحة، ومستمر بالقتل والتدمير للمواقع المدنية، في رسالة واضحة لا تقبل اي التباس، وهي ان حملات التأديب العنيف هي الحل الوحيد لإعادة اخضاع الشعب.

ولم تتأثر هذه المعادلة حتى الآن بكل ما فعلته المعارضة، سواء ميدانياً او سياسياً... ما يعني ان المراوحة بين كر وفر ستستمر ما لم تتمكن المعارضة من كسر جمود هذه المعادلة الداخلية ومن خرق السقف الذي وضع للعبة الأمم في سورية.

وفي موازاة المناقشات والخطب التي تتناول سورية في الامم المتحدة هذه الايام، تجرى مناقشات بين اطراف المعارضة بشقيها العسكري والسياسي. ومما ظهر حتى الآن، ان هذه المناقشات لا تزال في مرحلة بدائية، تتجاذبها الارتباطات الخارجية والمنافسات الداخلية على النفوذ وعدم القدرة على بلورة الحد الادنى القادر على تغيير المعادلة الداخلية، وهو تغيير من دونه ستبقى غالبة نزعة التشاؤم وتوقع مزيد من القتل والدمار.