راجح الخوري


ما معنى ان يقول الاخضر الابرهيمي في نهاية افادته امام مجلس الامن عن الازمة السورية الدامية: quot;هناك نافذة قد تكون متوافرة في المستقبل غير البعيدquot;؟
المعنى الوحيد لهذا الكلام ان يقوم الروس والايرانيون بتقديم رأس نظام الاسد على طبق التغيير الكامل. ولكن هل اصبح هذا الامر ممكناً فعلاً في وقت قريب كما أوحى الابرهيمي؟
الجواب: ليس بالضرورة. ففي حين كان الابرهيمي يقدم شهادته في مجلس الامن كان النظام يتحدث عن quot;انجازات كبيرة حققها الجيش وان معركة الحسم والانتصار باتت قريبة جداًquot;، وهو ما دفع المراقبين الى القول إن شتاءً دموياً مخيفاً ينتظر السوريين الذين يسقط منهم الف قتيل في الاسبوع، الامر الذي يجعل السؤال ملحاً: الى متى يستطيع الروس والايرانيون تحمّل وزر الدم الذي يسفح تحت مظلة دعمهم الاعمى لنظام لم يعد صالحاً للبقاء بأي صورة؟

على الابرهيمي ان يبحث الآن عن الجواب بعد قوله الصريح: quot;ارفض التصديق ان اناساً عقلاء لا يدركون انه لا يمكن العودة الى الوراء، وانه لا يمكن العودة الى سوريا الماضيquot;، والواضح ان هذا الكلام هو اتهام صريح للاسد واهل النظام بأنهم مجانين وليسوا عقلاء اذا كانوا يظنون ان في وسعهم العودة الى حكم سوريا كما كان الامر منذ اربعة عقود!
وعندما يقول الابرهيمي انه قد ابلغ quot;الجميع في سوريا والمنطقة ان الاصلاح لم يعد كافياً والمطلوب هو التغييرquot;، فانه يعرف تماماً انه قد لا يجد من يرحب بعودته الى دمشق التي سبق لها ان ابلغته ان عليه لكي ينجح ألا يبدأ من حيث انتهى سلفه كوفي انان ونقاطه الست التي تدعو الى الانتقال السياسي وانهاء حكم الاسد، ولكنه لم يتردد امس في الثناء على خطة انان، ولهذا فانه يبدو كمن يضع موسكو وطهران في الزاوية، ولو بطريقة غير مباشرة، عندما يقول إن الوضع السوري المتفاقم بات يشكل تهديداً للامن والاستقرار في المنطقة والعالم وان معالجته هي quot;من اختصاص مجلس الامنquot; الذي يعطله الروس والصينيون بـquot;الفيتوquot;، بينما يعطله الايرانيون بالدعم العسكري الميداني وحتى بالقتال الى جانب الاسد.
واضح ان ما يشجع الابرهيمي على الحديث عن quot;نافذة قد تكون متوافرة في المستقبل القريبquot; هو رعاية موسكو وطهران والقاهرة quot;المؤتمر الوطني لانقاذ سورياquot; الذي عقد في دمشق ودعا الى quot;مرحلة انتقاليةquot; لاقت رفضاً حاسماً من quot;الجيش السوري الحرquot; ومعارضة الخارج، وهو ما يضع موسكو وطهران امام خيار صعب: إما تسليم رأس النظام وإما تحمّل مسؤولية الكارثة السورية !