عماد الدين أديب

أرجو من حضراتكم أن تبتلعوا حبة أسبرين، ثم تقرأوا ترجمة للحوار الصحافي المطول الذي أجراه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مؤخرا مع صحيفة laquo;واشنطن بوستraquo; الأميركية! في هذا الحوار سوف يتضح للجميع أن العالم كما يراه أحمدي نجاد وكما تراه السياسة الإيرانية هو عالم افتراضي يلائم - فقط - أحلام وطموحات القيادة الإيرانية، وهو أيضا عالم بعيد تماما عن حقائق الواقع الملموس! وتوقفت طويلا أمام تقديم أحمدي نجاد لبلاده على أنها بمثابة حارسة بوابة مضيق هرمز، حتى تستطيع أن تحقق أمن الخليج، وتحقق سلامة المرور والتجارة من خلاله!

لم ينصب أحدا، شفاهة أو كتابة، على مر التاريخ إيران بأن تكون حارسا أمينا على مضيق هرمز، أو على أمن الخليج!!

إن طهران، منذ ثورة الخميني، وهي تحاول إحياء تلك laquo;الروح الفارسيةraquo; القديمة في فارسية الخليج، وتحاول تأكيد ذلك من خلال تهديد البحرين، والتدخل في أزمة الحوثيين في اليمن، واستمرارها المستفز في احتلال الجزر الإماراتية، وهذا يجعلها العنصر المهدد الوحيد والرئيسي لأمن الخليج. ولم أفهم أي نوع من الرسائل السياسية يحاول أحمدي نجاد أن يوجهها إلى الإدارة الأميركية عبر صحيفة أميركية عشية سفره إلى نيويورك.

لم أفهم هل حواره هو حوار المواجهة، أم السعي إلى المبادرة بفتح الطريق لمصالحة، أم هو laquo;كوكتيل إيراني من التهديد والترغيبraquo;؟!

هذا laquo;الكوكتيل المشوشraquo; لا يؤتي ثماره لدى الإدارة الأميركية التي لا تفهم سوى لغة مباشرة حاسمة وصريحة، لأنها تعبر عن laquo;مدرسة تفكير قائمة على المصالح والنفعيةraquo;. الأميركي يريد منك إجابات محددة: هل تريد التفاوض؟ نعم أم لا. الأميركي يريد منك أن تجيبه: هل ستستمر في عملية التخصيب حتى مرحلة القنبلة؟ نعم أم لا. وبناء على إجاباتك هو مستعد للقبول أو الرفض أو المساومة.

هذا هو laquo;بيزنسraquo; التفاوض والتسوية عند واشنطن.

أما الموقف عند طهران، فهو laquo;خلطة إيرانيةraquo; من الوسائل المتشابكة المشوشة ما بين التهديد بسلاح الصواريخ الإيرانية، إلى الحديث الناعم عن أن تحقيق السلام العالمي يبدأ بتحقيق السلام في المسألة الإيرانية!

ولا تعرف بالطبع - كمراقب محايد - أيهما تصدق، صورة تجربة الصاروخ الإيراني، أم كلمات أحمدي نجاد في الأمم المتحدة؟!

أغرب ما قرأت في هذا الحوار ما قاله نجاد لـlaquo;واشنطن بوستraquo; حينما استعان بما سماه قولا مأثورا إيرانيا يقول: laquo;أقول للسياسيين الأميركيين إن هناك قولا فارسيا مأثورا هو (عندما تصطاد سمكة من بركة تظل طازجة حتى عندما توضع على المائدة) مما يعني أن الأوان لم يفت بعدraquo;!

يا سيدي.. على الحكمة!