حليمة مظفر

منذ بضع سنوات أطلّ علينا من بعض القنوات quot;شيوخ الفضائياتquot; ممن هُم في الأصل مجرد quot;حكواتيةquot; يحفظون التراث ويروونه على من لا يقرؤون، وبقدرة قادر باتوا فقهاء يفتون مرة ويفتنون بين الناس مرات خلال برامجهم التي فتحت لهم باب quot;الثراءquot;، وبعض هؤلاء يزيد quot;الحطب على النارquot; لتزداد quot;نجوميتهquot; مستخدما مرة الطائفية، ومرة التفتيش في ضمائر الخلق تكفيرا وتصنيفا، ليصبّ في quot;حسابه البنكيquot; أرباح quot;شهرتهquot;، فنسبة المشاهدة؛ تجعل طلب القنوات على هؤلاء أكثر فأكثر، وبعد أن كان تفاوضهم بـquot;الريالquot; بات بـquot;الدولارquot; نتيجة جمهور يعيش quot;أميّة وعيquot; في ظل عقول مُخدرة بـquot;لا وعيquot;!!

ولأن هؤلاء يتناغمون مع فن كل عصر بعد تحريمه نزلوا لـquot;تويترquot; يختبرون شعبيتهم، إلا أنّ بعضهم quot;تبخرتquot; شعبيتهم، وباتت تغريداتهم quot;لملء فراغquot; آل تويتر؛ لكن حديثي ليس عن هؤلاء بل عن الجيل الجديد ممن يحتذون حذوهم، وممن بات لديهم طموح الثراء السريع، وعرفوا quot;من أين تؤكل الكتفquot; وأدركوا أن العلم من كليات الشريعة وحدها والانكباب على آثار القدماء والمحدثين لسنوات وسنوات ومنابر المساجد والكاسيت لم يعد يجدي نفعا لأمثالهم في سوق يملؤه quot;الكبارquot;، فاتخذوا من مقام quot;تويترquot; منبرا لـquot;توتيرquot; الناس باسم الدين لكسب حماسة بعض العوام وصغار السن من الشباب المتحمس خلال تغريداتهم quot;العنصريةquot; وquot;الطائفيةquot; وquot;المتطرفةquot;، وquot;الذكوريةquot; ضد المرأة، مع صور تتمظهر بـquot;مُتمشيخquot; يتقمص شخصية العالم؛ كي يعلنوا شعبيتهم من quot;المتابعينquot; الذين بعضهم quot;بيض مسلوقquot; لم يفقس، والبركة في سوق quot;تويترquot; وترى الواحد من هؤلاء يكاد عمره لا يتجاوز العشرينات والثلاثينات ويفتي ويصنف الناس على هواه وجهله، والعجب حين تجد بعض متابعيهم ممن اغتروا بمظهر quot;الصورة المتمشيخةquot; ينادونهم quot;يا شيخناquot; وهم صغار سن وعلم!
المؤسف حين تقرأ تغريدات هذا الصنف؛ لا تجد سوى ثقافة متواضعة تبدو مقتبسة من quot;كتيباتquot; تُظهر أنهم أكثر جهلا بكتب الأمهات الفقهية، وأنهم يأخذون ثقافتهم الدينية من منتديات عنكبوتية! ومنهم من لم يتخرج من كلية الشريعة ومنهم من لا يزال طالبا، ومنهم الحاصل على الماجستير ومنهم طالب دكتوراه في فنون الشريعة ويعتقدون أنهم باتوا quot;علماءquot; بشهاداتهم في quot;حفظ التراثquot; يفتون الناس فيما هم أجهل الناس فيه! وبصدق هؤلاء ممن أسميهم شيوخ quot;تويترquot; ما هم سوى quot;شيوخ توترquot; لأنهم يوترون الناس بتعصبهم الجاهل، خاصة وأنك ترى لهم في كل هاشتاق عضلات للسان quot;بذيءquot; وكثيرا ما يُلحن في اللغة فيما يكتبونه فكيف يستدلون بنصوص دينية ويروجون آراءهم حولها وهم لا يملكون مفتاح فهمها وفلسفتها وفقهها!
أخيرا؛ هناك قاعدة ذهبية على من لديه وعي أن يعيها، بأن من يتلفظ ببذيء القول ضد الآخرين ويستخدم الشتم واللعن خلال حواراته وتعليقاته ويقدح في أعراض الناس ليس سوى quot;عنكبوتي متمشيخquot; فلطفك يا الله بعقول هؤلاء!