صالح القلاب


هناك معلومات مؤكدة أن روسيا قد أبلغت جهاتٍ عربية رسمية وغير رسمية بلسان كبار المسؤولين فيها، أنها غدت متيقنة من استحالة بقاء بشار الاسد وبقاء نظامه، وبالتالي فإنها لم تعد متمسكة به ولا بنظامه، وأن كل ما يهمها هو أن تتأكد مما سيحصل بعد رحيله حتى لا تُخدع مرة أخرى، كما خُدعت عندما وافقت على الدور الذي قام به حلف شمال الأطلسي لإسقاط معمر القذافي ونظامه والتخلص من جماهيريتهhellip; الاشتراكية الشعبية.
وحسب هذه المعلومات، وهي معلومات مؤكدة، فإن الروس قد أبلغوا هذه الجهات العربية الرسمية وغير الرسمية أنهم لن يطلبوا من بشار الاسد الرحيل والمغادرة، وأنّ على الولايات المتحدة أن تتولى هي هذه المهمة وأيضاً مهمة تقديم الضمانات المطلوبة لأن تكون مغادرة الرئيس السوري سلمية، ولأن تقبل استضافته على أراضيها إحدى الدول القادرة على حمايته وحماية عائلته ومن سيرافقونه من كبار معاونيه، وذلك لأن روسيا غير مستعدة لتوفير مثل هذه الاستضافة له ولا لأركان نظامه لأسباب كثيرة تتعلق بما بينها وبين حلفائها في الجمهوريات الإسلامية المجاورة من علاقات سياسية واقتصادية وأمنية.
وبالطبع، حسب هذه المعلومات، فإن الروس قد تحدثوا عن المرحلة الانتقالية المفترضة والمطروحة والتي لابد منها بإسهاب وبتفصيلات كثيرة، وأنهم أبدوا حرصاً شديداً على ضرورة المحافظة على بنية الجيش السوري وعلى وحدته وأيضاً على ضرورة الاستيعاب المتبادل بينه وبين الجيش السوري الحر، وعلى أن يكون الوصول الى المرحلة الانتقالية سلساً وبإشراف دولي مباشر، وأن يكون هناك حرص شديد على ألا يحصل في سورية ما حصل في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 وكما يحصل الآن في ليبيا، حيث تصطدم كل محاولات الانتقال السلمي الى الاستقرار بالعديد من المجموعات والشراذم الفوضوية المسلحة.
ولدى الحديث عن آلية الوصول إلى كل هذه المحطات المشار إليها، فإن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد أكد على أنه لا توجد آلية أفضل من الآلية التي تضمنها بيان مؤتمر جنيف الأخير، ولكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة هي التي قطعت الطريق على هذا البيان، وأنها هي التي عطَّلت الأخذ به كمرجعية للحل، وأنه إذا كان لابد من خطوة أولى كبداية لهذا الحل المنشود فإن هذه الخطوة يجب أن تكون تخلي الأميركيين عن الطريقة التي دأبوا على أساسها التعاطي مع الأزمة السورية التي وصلت إلى كل هذه التعقيدات التي وصلت إليها.
وهنا فإن الذين سمعوا هذا الذي قاله لافروف قد أدركوا أن روسيا في حقيقة الأمر لاتزال على موقفها السابق، فالبنود الستة التي تضمنها بيان مؤتمر جنيف، الذي انعقد في الثلاثين من يونيو الماضي أي قبل ثلاثة شهور وقبل أن تحدث كل هذه التطورات التي حدثت على الأرض، لا تتضمن أي مواعيد زمنية محددة، وهي كلها عبارة عن صيغ عامة معظمها إجرائي كالحديث عن إتاحة حق التنقل ldquo;الحرrdquo; للصحافيين، واحترام حق التظاهر السلمي وإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين، وأن الحل بطريقة سياسية يتطلب تشكيل حكومة انتقاليـة ldquo;من قبل السوريين أنفسهمrdquo; من الممكن أن يشارك فيها أعضاء من الحكومـة السورية الحالية، وكل هذا وضرورة أن يحصل المراقبون على حق الوصول إلى المعتقلين، وهذا يعني أنه لا جديد لدى روسيا وأن مرونتها محروسة بتشدد أكثر من ذي قبل!