بيروت

وسط ازدياد التوقعات المتشائمة بإمكان حصول أيّ حلحلة في الأزمة الحكومية في لبنان، بدا الوضع الداخلي عرضة لتصعيد بين فريقيْ 14 آذار و8 آذار من شأنه ان يحاصر أكثر فأكثر عملية تشكيل الحكومة ويحرج كلاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام في متاهة تجاذب جديد.
وقالت مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي لـ laquo;الرايraquo; إن الاتصالات السياسية التي أجريت في اليومين الاخيرين تركّزت على استكشاف إمكان اطلاق جولة جديدة من الجهود السياسية للتوصل الى مشروع تركيبة توافقية للحكومة الجديدة، لكن بدا واضحاً ان الهوة لا تزال كبيرة جداً بين مواقف الافرقاء السياسيين بل ان بعض المؤشرات أوحى بان العقبات التي حالت في السابق دون اي إحداث أيّ ثغرة في الأزمة مرشحة لان تشهد تراكماً لعقبات إضافية.
وكشفت المصادر في هذا السياق ان laquo;حزب اللهraquo; وحلفاءه بدأوا يظهرون ميلاً مكشوفاً الى الابقاء على حكومة تصريف الاعمال الى نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان في مايو المقبل وان كل المواقف العلنية التي يطلقها هذا الفريق ويحمّل فيها فريق 14 آذار مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة لا تعدو كونها مناورة للتغطية على الهدف الحقيقي لفريق 8 آذار وهو الافادة الى اقصى الحدود من بقاء الحكومة المستقيلة والتحكم من خلال الأزمة الحكومية بالاستحقاق الرئاسي المقبل.
وتشير المصادر الى ان فريق 14 آذار لم يعد بدوره مستعداً لمهادنة وليونة في الملف الحكومي كان حرص عليهما في الفترة السابقة مراعاةً منه للرئيسين سليمان وسلام خصوصاً بعدما لمس ان فريق 8 آذار راح يوظف هذه المرونة من جانبه لفرض مزيد من التصلب في شروطه ولا سيما في ظل المتغيرات الاقليمية سواء في الملف السوري في ضوء التفاهم الروسي - الاميركي على laquo;الكيماويraquo; السوري او في الملف النووي الايراني في ظل كسر الصمت بين طهران وواشنطن.
وبحسب المصادر نفسها فان فريق 14 آذار لم يعد يُخْفِي مآخذ مباشرة له على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في إدارة هذه الأزمة ما يُستشف منه ان هذا الفريق مقبل على تصعيد واسع في موقفه يرجح ان تظهر حلقاته تباعاً في الايام المقبلة.
وتضيف المصادر ان المعطيات المتوافرة في هذا السياق تشير الى ان احتداماً سياسياً سيشهده الوضع اللبناني وسيكون انعكاساً مباشراً لبعض التداعيات المتصلة بالازمة السورية سواء على المستوى الديبلوماسي او على المستوى الميداني. ذلك ان قوى 14 آذار ستعاود الضرب بقوة على مطلب الحكومة الحيادية وإسقاط اي احتمال لقبول حكومة سياسيين حزبيين، بعدما كشفت الايام الاخيرة ازدياد تورط laquo;حزب اللهraquo; في الصراع السوري من خلال مشاركته في السيطرة على احدى الضواحي الدمشقية وكذلك من خلال بث شريط فيديو عن ممارسات عناصره في سورية.
وفي المقابل فان الفريق الآخر لا يخفي ملامح استقوائه بالتطورات الاخيرة المتصلة بسورية والتي يعتبرها فريق 8 آذار لمصلحة النظام السوري ويتصرف تاليا على اساسها في تعامله مع الازمة الحكومية الداخلية والسعي الى فرض شروطه او الابقاء على الحكومة الحالية في اقل الاحوال. من دون إغفال ان هذا الفريق يوظّف حتى النهاية موقف النائب وليد جنبلاط الذي كان أطلق laquo;رصاصة الرحمةraquo; على صيغة الحكومة الجامعة والمتوازنة التي كانت تقوم على تشكيلة ينال فيها كل من 8 و 14 آذار وثلاثي سليمان - سلام - جنبلاط 8 وزراء (اي من ون ثلث معطّل)، وذلك من خلال تأكيد ان قوى 14 آذار لا تملك الغالبية النيابية لفرض شروطها في الملف الحكومي وإن كان سلام من صفوفها.
تبعا لذلك تبدي المصادر المعنية تشاؤماً كبيراً بإزاء أي فرصة ممكنة لإحداث ثغرة في الواقع اللبناني لا بل فانها تخشى ان تكون المرحلة المقبلة بمثابة مرحلة تنفيس للتصادم الاقليمي الذي يحوط بالأزمة السورية والذي يشكل لبنان احدى ساحاته الرئيسية وهو أمر سيجعل المعنيين بتشكيل الحكومة ولا سيما الرئيسين سليمان وسلام امام مرحلة شديدة الاحراج والصعوبة لانهما سيواجهان فصلاً جديداً من فصول المواجهات الحادة مع كل ما ترتّبه من أكلاف. ولن يكون ممكناً التوصل الى اي تسوية ما دامت الأزمة تنتظر جلاء الغبار الإقليمي.


فرنجية: الفراغ عنوان الكرسي الرئاسي

اعتبر رئيس laquo;تيار المردةraquo; النائب سليمان فرنجية أن laquo;استمرار مرحلة الصراع الدولي والإقليمي على أرض سورية، سيترجم لبنانياً استمراراً للفراغ الحكومي، وتمدده الى الرئاسة الأولى في الربيع المقبلraquo;.
وقال فرنجية، الوثيق الصلة بالرئيس السوري بشارالاسد، في تصريح صحافي إن laquo;كل ماروني في لبنان مرشح لرئاسة الجمهورية حتى يثبت العكسraquo;، غير أن الواقعية السياسية دفعته إلى التأكيد أن المسألة ليست أن تكون مرشحا أو غير مرشح laquo;بل مسألة ظرف وموازين قوى، ذلك أن أن الظرف اللبناني والسوري والإقليمي لا يسمح اليوم لقوى 8 آذار ولا 14 آذار بأن تختار رئيسا من بين مرشحيها، كما أن التمديد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان تبعا لهذه الظروف، مستبعد ولذلك يصبح الفراغ عنوان الكرسي الرئاسي في السنة المقبلةraquo;.