عدنان حسين

هذا الذي فعله السيد مقتدى الصدر كان يتعيّن أن تسبقه اليه الحكومة، لأنها المسؤول أولاً وأخيراً عن ضمان عدم وقوع تعديات على مواطنيها، مادية كانت أو معنوية، وما حدث أخيراً في بغداد (الأعظمية وغيرها) واعتذر عنه الصدر وتبرأ منه، كان تعدياً سافراً على مشاعر العراقيين جميعاً وغيرهم، فما من مسلم أو غير مسلم أو حتى ملحد يقبل بشتم صحابة النبي محمد على رؤوس الأشهاد. وليس مسوّغاً أيضاً فعل ذلك حتى في السر.
السيد مقتدى الصدر فعل خيراً بالمبادرة الى ما توجب على الحكومة أن تفعله.. بل كان على الحكومة أن تحرّك قواتها وتأمرها باعتقال الذين سبّوا صحابة النبي بنفس الحماسة التي عادة ما تحرّك بها هذه القوات وتأمرها بقمع المتظاهرين السلميين المُطالبين بحقوقهم الدستورية والمحتجين على فساد مسؤولي الدولة.
وما حدث في بغداد أن جماعة سفيهة ممن يفترض انهم من زوار الإمامين الكاظم والجواد، رفعوا عقيرتهم بسبّ صحابة النبي محمد وخلفائه، أثناء سيرهم نحو الكاظمية، وهو ما وصفه الصدر بـquot;السابقة الخطيرةquot; لـquot;سذّج وأصحاب عقول ناقصةquot; وquot;ليسوا شيعة ولا يمتّون للشيعة بصلة، وهم بعيدون كل البعد عن أمير المؤمنين علي (ع)quot;، محذراً من تداعيات غير حميدة لما أقدموا عليه.
قوات الحكومة كانت في تلك الأيام تنتشر بكثافة في الشوارع والمناطق التي قطعها الزائرون نحو الكاظمية. ولو كانت هذه القوات مُدرَّبة ومُوجَّهة جيداً للتصدي الفوري لمثل هذه الحالات التي تسعى لإثارة الفتنة الطائفية، ما كان لأولئك السفهاء أن يواصلوا سفاهاتهم. فنحن نعرف أن هذه القوات قادرة تماماً على التدخل العاجل متى ما أرادت وحالما تلقت الأوامر بذلك quot;من فوقquot;. وهذا ما تثبته التجارب مع التظاهرات، فلم تكن القوات الأمنية وبخاصة قوات quot;سواتquot;، تتوانى عن قمع المتظاهرين السلميين بوحشية غير مبرَّرة .. فما الذي أعاقها عن ردع السفهاء أثناء سبّهم صحابة النبي محمد؟
الى ذلك فان أولئك السفهاء لم يتحركوا من تلقاء أنفسهم .. انهم في الواقع معبأون من ملالي شيعة من الدرجة الثالثة والرابعة والعاشرة، وعناصر مليشيات طائفية .. هؤلاء جميعاً لا يترددون عن شتم صحابة النبي في مجالسهم الخاصة وحتى في بعض مجالسهم العامة في أطراف المدن وفي القرى. ومن واجب الحكومة والمؤسسة الدينية الشيعية تقصّي هذه المسألة لردع السفهاء من الملالي فضلاً عن عامة السفهاء لوضع حد لهذه الظاهرة.
ينبغي تشريع قانون يردع السفهاء، حتى لو كانوا ملالي، ويُلزم قوات الأمن بواجب تنفيذ هذا القانون.