حسن عبد الله عباس

اسطوانة تعرض أتباع كل طائفة إلى رجالات وعقائد الطائفة الأخرى صارت سيموفنية الإعلام اليومي ومائدة عشاء دسمة لخبراء الأمن القومي!
فالجديد في الأمر أن رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر تقدم الأسبوع الماضي بالاعتذار إلى أهل السنة عن قيام شبان شيعة بشتم الصحابة وأمهات المؤمنين. يُشكر الصدر على اعتذاره هذا، لكن إلى متى سيستمر هذا المسلسل؟ إلى متى سيظل كل فريق يسب رجالات ومقدسات وعقائد الطرف الثاني؟!
للأمانة تعمدت أن أصيغ السؤال على هذا النحو، مع أن السؤال خاطئ منذ البداية. فإلى متى سيستمر مسلسل سب كل فريق وتعرضه إلى مقدسات الفريق الآخر، سؤال ساذج من أساسه لأن الاجابة عنه قد بدرت في صدر المقالة. فالسب والشتم سيمفونية الإعلام ومائدة عشاء دسمة لأهل الفتنة ممن يسمون بخبراء الأمن القومي واستخبارات الحكومات والدول الطائفية الدموية!
فالسؤال الصحيح هو إلى متى سيصدّق أتباع كل فريق هذه الدعوات؟ إلى متى سنصدق وسنمشي مغلقي العقول ومغمضي العيون وبلا وعي لهذه الدعوات الضالة والمضلة؟ ما الذي تحقق من تبادل سب العقائد والمقدسات سوى الفتنة والتقاتل؟ سأفترض الإجابة عن ثلاثة بدائل:


الأول أن الإجابة جاءت بــ laquo;نعمraquo;، فالفتنة والتقاتل هو بحدث ذاته هدف وغاية. سيسألني الشتّام: ماذا تريد الآن؟ فهو الهدف، بل وهدف مقدس ايضا؟! بعد أن اقول له على عقلك العفا، وهل تحققت أهداف القتل؟ وهل استطاع كل فريق أن يصفي الآخر؟! ها نحن هنا ومنذ قرون، فلا أبدناهم ولا أبادونا!


البديل الثاني أن تكون الاجابة هو التعامل بالمثل، فكما نُرمى نرمي ومن باب العين بالعين. وهل هذا علاج لمشكلة تخص المجتمعات والامم والاجيال والمسؤولية الاخلاقية والدينية؟! هل هذه عقيدة laquo;واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماraquo;. فلو استقرأت الأمة الاسلامية بأجمعها ومن الطرفين، يا تُرى ما هي النسبة التي تعتقد بأن السب والشتم والكراهية للطرف الآخر من الدين؟! أعلم الجواب الذي ستقوله، هي الأقل. لا بل دعني أؤكد لك أنها تكاد لا تُرى، فأمة المليار لن تجد من بينها سوى نقطة في بحر ممن تحمل هذه العقيدة المتطرفة الباطلة، وإلا فالسواد الاعظم هم ممن لا يرون الضير في التعايش وأن الشهادتين هي الشعار التي أذابت الجميع بشهادة يوم عرفة وأعياد الحجاج.
البديل الثالث أنها مجرد laquo;فشة خلئraquo;؟! مجرد تنفيس عما يجول بالخاطر! نصيحتي لأتباع كل مذهب، نصيحتي لهم إن سمعوا صاحبهم من نفس المذهب يتفوه بهذا الكلام أن يلقموه صخراً ونعلا في فمه!
لو راجعت عقيدة المذهبين لرأيتهما يخلوان من عقدة الكراهية. نعم لدى الشيعة موقف سلبي من بعض الصحابة والأمر نفسه لدى السنة حيال بعض العقائد الشيعية، لكنها آراء علمية بعيدة عن الطعن والكراهية، وهو ما تجده هنا عند الحوزات العلمية وعلمائها وهناك عند الأزهر وعلمائه. لكن ما العمل وعلماء السوء يمططون الخلافات العلمية لمنعطف الكراهية ليستظلوا بظله نشراً للفتنة، والعقيدة منه بُراء. ألا لعنة الله على مفرقي الأمة ومشتتي أهل التوحيد!