القاهرة - هايدي فاروق


الحوار معه كالشعر نستمتع به.. يتحدث اليك وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة هادئة واثقة أن الغد حتما سيأتي أفضل، هو أيقونة ثورتي 35 يناير و30 يونيو..انه سيد حجاب، ولد في 24 سبتمبر من عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية كانت طفولته في قرية المطرية في الدقهلية مليئة بذكريات وبقايا الحرب، ومليئة أيضاً بملاجئ الغارات.

نشأ في مدينة للصيادين على ضفاف بحيرة المنزلة وكانت قريته بأكملها تعيش بالغناء في كل لحظة من لحظات الحياة اليومية ومع كل خطوة زوجات الصيادين يغنين لأزواجهن حتى يعودوا من الصيد، الصيادون يرددون ألواناً من الغناء على المركب ينصبون الشبك ويبدؤون بالغناء والدبدبة على المراكب لكي تدفع السمك الى الشباك المنصوبة له.

في سن السابعة بدأت تتكشف موهبته الشعرية، وفى سن الحادية عشرة سقط طفل صغير في احدى العمليات الاستشهادية فوجد حجاب أن المظاهرات وحدها لا توفى للطفل حقه فوجد نفسه يكتب laquo; كنا غزاة وأبطال صناديد.. صرنا لرجع الصدا في الغرب ترديداً.. لكننا سوف نعلو رغم أنفهم.. ويكون يوم رجوعنا في الكون مشهوداًraquo;، كان والده أول من علمه دروس الوزن والقافية وشجعه.

laquo;النهارraquo; التقت بالشاعر سيد حجاب في بهو مجلس الشورى المصري، فهو احد أهم أعضاء لجنة الخمسين والمنوط بها وضع مصر على مسار الديموقراطية الصحيح حيث يعطى وجوده ضمن اللجنة قيمة كبرى للجنة فسيد حجاب معروف بوطنيته الخالصة ومعارضته الدائمة ووضوح مواقفه ..... والى نص الحوار:

في البداية ألم يشغلك تأخر جائزة الدولة التقديرية؟

تأخر الجائزة لم يشغل بالي، فلم أكن أتوقع أي جوائز لأنني دائما كنت في صف المعارضة وجائزتي هي حب الناس لي وحفظ أشعاري.. لكن أحمد الله على الحصول عليها في هذا التوقيت، خاصة وأنني رشحت لها بعد ثورة 25 يناير وحصلت عليها بعد ثورة 30 يونيو 2013، في عام كان مقرراً حجب الجائزة من جانب وزير الثقافة الاخواني علاء عبدالعزيز، وأعتبر الجائزة شرفاً كبيراً لي لأنها احدى ثمار ثورة يونيو المجيدة.

هل تذكر أولى كلماتك وأول قصيدة عامية كتبتها؟

بدأت أكتب سرد القصائد بالفصحى والحوار بالعامية وقصائد العامية تنفصل عن جسد الفصحى وهي الأكثر انتماء للحياة ولنبض الناس وكانت غالبية قصائد الفصحى التي أكتبها قصائد ذاتية، ومع بداية دخول موجة laquo;التفعيلةraquo; لمصر كنت أقرأ الرسالة الجديدة في عام 1955 وبها المحاولات الأولى لـصلاح عبدالصبور ونجيب سرور وأحمد عبدالمعطي حجازي وفوزي العنتيل ود. أحمد كمال زكي، فكتبت قصيدة بصيغتين laquo;الموالية والتفعيلة.. الموالية على ما أذكر بدأت بـــlaquo;الفجر أذن يا بويا قوم بيت الراحةraquo;.. سيبك من النوم ومن الأحلام ومن الراحة.. قوم للشقا يابا مين بياكلها بالراحة.. ولا كلمة يابا مبتردش على ولدك ليه يابا ليه الدموع دخلتها طراحة.. العيد ورا العيد عليا فات ما حياني.. لا فيه جديد للعيال ولا نوره حياني.. ولا كحك يابا لكن صوت أمي حياني.. ورا كل ميت تصوت والدموع تجرى.. كأنها دمك أنت آه يانىraquo; الى آخر القصيدة وكتبتها أيضاً بالتفعيلة لأقول laquo;شهور ياما وأنا عايش ماليش أما.. في دنيا كلها ضلمه.. وأنا خايف من الضلمة وأقول ياما ومترديش.. أنا عارف بانك واخدة على خاطرك.. لكن ياما أنا هربان عشان خاطرك.. عشان يسكت لسان جوزك ولا يقولش..أنا هارميكى في الشارع اذا ابنك ده ضرب ابني.. ويضربني.. وتجرى والدموع تجرى وتجرى عليه عشان تحوشيه.. ويرمى يمين.. تكوني طالقة يا أم حسين اذا حوشتىraquo;.. الى آخر القصيدة الميلودرامية الطفولية.. وتستمر الكتابة الشعرية في هذا الاتجاه بعضها بالفصحى وآخر محاولات شعر عامي تجريدي لا تتضح معالمه.

توسيع نطاق الحريات

أنت الآن تحمل هموم ومطالب المثقفين والمبدعين للجنة الخمسين فما هي أهم مطالبهم؟

في الماضي كانت الدساتير تعبر فقط عن ادارة الحاكم ومن معه وليس الشعب، كل الدساتير الماضية سقطت لأنها لم تكن وفق ارادة مجتمعية الآن الوضع مختلف.

أنا سعيد جدا باختياري في هذه اللجنة وسعيد بالاتجاه العام في اللجنة وبالتحديد في لجنه الحقوق والحريات واهتممنا في اللجنة التي أشرف بعضويتها وهي لجنة الحقوق والحريات بأن تكون المقررة امرأة وهي السيدة هدى ويكون المقرر المساعد من الشباب وهو عمرو صلاح لنرسل رسالة رمزية تؤكد أننا مهتمون للغاية بتمكين المرأة والشباب في الدستور وفي الحياة القادمة وناقشنا قدر كبير من الاقتراحات وأجرينا عدد من جلسات الاستماع لمجموعة لا للمحاكمات العسكرية ومنظمات المجتمع المدني ومهتمون لأقصى مدى بتوسيع نطاق الحريات والزام الدولة بكفالة الفقراء والمهشمين والفئات المستضعفة واتفقنا على اقرار حق الثقافة وهو أن تكفل الدولة حق الثقافة للمواطنين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو قدرتهم المادية مما يعيد دور وزارة الثقافة وتصبح الثقافة خدمة تقدمها الدولة وهي السياسة الثقافية في العصر الذهبي لوزارة الثقافة حيث كانت تقدم الوزارة الثقافة كخدمة وأنشأت وقتها الثقافة الجماهيرية ومثل هذا الحق سيعيد الروح للمعاهد الثقافية والثقافة الجماهيرية.

وقد دافعنا عن قضية البحث العلمي وحرية الصحافة والابداع ومناخ الحريات هو ما ينضج حياتنا الثقافية والصحافية ويثرى المجتمع ولجنة الخمسين تأخذ على عاتقها كتابة دستور يحقق طموحات الشعب المصري.

نص جديد

هل أنت مع كتابة دستور جديد أم الابقاء على التعديلات؟

أي كانت التسمية ولكن التعديل قد يعني تعديل 99% من مواد الدستور نحن أسقطنا مرسي بدستوره وكان خطئ أن يعلن في الاعلان الدستوري أن هذا الدستور معطل وكان ينبغي أن يعلن في الاعلان الدستوري اسقاط دستور 2012 أي ما كان الأمر فان المسار العام في اللجان المختلفة يؤكد أننا بصدد نص دستوري جديد ليس مبنى على الفلسفة القديمة الفاسدة التي بني عليها الدستور القديم وربما احتفظ بالقليل القليل جدا من الدستور القديم.

كيف ترى تهديدات حزب laquo;النورraquo; بالحشد بالتصويت بـraquo;لا laquo;على استفتاء الدستور؟

أرى أن حزب النور لا يعبر كثيرا عن فكر يحتضنه الشعب وما حدث في 30 يونيو هو اسقاط لكل فكر ما يسمى بالتيار الاسلامي والذي ثبت انه ينتمي للارهاب أكثر مما ينتمي للاسلام.. لقد سقط هذا الفكر تماما وداسته الجماهير الشعبية كل ما يحدث حاليا هو محاولات لانقاذ ما يمكن انقاذه للانحرافات التي أصروا على وضعها في الدستور السابق وكلها انحرافات لن يقبلها الشعب ومحاولات مقضي عليها بالفشل والرفض الشعبي وهذا لا يعني اقصاء كل من ينتمون لهذا الفكر ولكن مطلوب من جديد استيعاب المغرر بهم من أبناءه في الاطار المجتمعي بعد اجراء العدالة الانتقالية لكل من تلوثت يديه بالدماء.

من خلال عضويتك في لجنة الخمسين هل ترى أي نوع من المجاملة أو المداهنة لحزب النور فيما يخص المواد الخاصة بالهوية الدينية أو حظر الأحزاب على أساس ديني؟

لست في لجنة مقومات الدولة ولكنني أرى أن الاتجاه العام لدى الشعب المصري يرفض ذلك ونحن مطالبون بطاعة الشعب المصري.

الهوية المصرية

ما هو المقصود بالحفاظ على مواد الهوية وهل الاسلاميون فقط هم من يستطيعون الحفاظ على الهوية؟

من يحتكر الكلام باسم الاسلام تصور خائب ومعاكس للزمن...الهوية المصرية ليست وليدة اليوم الهوية المصرية مستقرة منذ ألاف السنين في هذا الشعب وهذا الوطن نحن أول شعب في التاريخ يفكر في وحدانية الخالق والايمان بالله مستقر في قلوب المصريين منذ ما قبل التاريخ.

حدثنا عن تجربتك مع الشباب سواء من خلال ميادين الثورة أو الشباب المشارك في لجنه الخمسين؟

أنا فخور بهم جدا فهم جيل عملاق استخدم أدوات عصر المعلوماتية في ديموقراطيات المعرفة وانفتحوا على العالم الحديث وما بعد الحديث بشكل جيد ويمتازوا عن أجيال سابقة في ثلاثة أشياء المعرفة الدقيقة بأمور الوطن والعالم وثانيا القدرة على توصيل هذه المعرفة للطبقات الشعبية والعامة وثالثا هذه الروح الاستشهادية التي تجلت في ميادين الثورة.

هل هذه الروح لم تكن موجودة في جيل حرب الاستنزاف وانتصارات أكتوبر؟

كل جيل كانت له قضاياه المختلفة وظروفه أظن أن هذا الجيل laquo;جيل القدرraquo; ونحن نحلم بالوصول للدولة الحديثة هذا الجيل استطاع توصيل المسيرة الثورية بين الأجيال المختلفة فجمع بين حلمين تبادلوا بين الأجيال السابقة laquo;حلم الحريةraquo; وraquo;حلم العدالة الاجتماعيةraquo; فكل الثورات قبل ذلك كانت أما تطالب بالحرية أو بالعدالة الاجتماعية ولكن هذا الجيل العبقري جمع بين الحلمين وأصر عليهم.

البعض يتهم المثقفين بالتقصير فما تعليقك؟

من المؤكد انه بعد اتفاقات كامب ديفيد كان الاتجاه الغالب من المثقفين أنهم في خندق المعارضة ويرفضون مسيرة التبعية والرفض في مسيرة التبعية بدأ من قصيدة أمل دنقل laquo;لا تصالحraquo; وقد حشد المثقفون الروح الوطنية لدى الأجيال المساهمات عديدة بغض النظر عن أن بعض المثقفون كانت قد اشترتهم الأنظمة السابقة ابداعات المثقفون دائما كانت تصب في خانة المعارضة وابداعات هذه الأجيال هي التي اختمرت في نفوس الأجيال الحديثة فأبدعوا هذا الابداع في الثورة فمن ليس له قديم ليس له جديد ولا شيء ينبت من فراغ ومساعي بعض الشباب الطايش بأنه جيل بلا أساتذة هو كلام خاطئ.

هل يمكن أن ينتخب الشعب المصري من جديد على أساس ديني سواء في انتخابات برلمانية أو رئاسية؟

30 يونيو محت كل الأفكار المنحرفة التي تتاجر بالدين فقد أساءوا للدين والسياسة وعرضت الوطن للانقسام ولن ينتخب المصريون من جديد على أساس ديني.

شروط المصالحة

ما تعليقك على الآراء التي تطالب باجراء مصالحة سريعة؟

لا مصالحة الا بعد العدالة الانتقالية وسوف تكون مصالحة مجتمعية وليست بين الأطراف السياسية وسوف تسمح هذه العدالة الاجتماعية لمن لم يتورط في العنف أو العداء لآمال والوطنية المصرية أو الهوية المصرية المستقرة منذ قرون.

كيف ترى موقف الدول العربية من مصر؟

كنت أتمنى أن تقف الدول العربية بجانب سورية كما وقفت بجانب مصر فالجامعة العربية تعطى نوعاً من الغطاء لأي هجمة استعمارية مقبلة، وهذا عيب شديد على جامعة تدعى أنها عربية وتمثل الشعوب العربية، هي بهذا الغطاء تعمل ضد العروبة والعرب وأياً من كان من يصوت الى جانب هذا القرار، وللأسف الشديد هناك أطراف ممن وقفوا الى جوار 30 يونيو في مصر وقفة نشكرهم عليها، الا أنه ينبغي أن نعارض موقفهم تجاه الأزمة السورية.

كيف ترى هزيمة أميركا بعد ضياع حلم الشرق الأوسط الجديد؟

نحن في مرحلة استعمار الشركات متعددة الجنسية ورأس الحربة فيها أميركا اليابان وغرب أوروبا ومن حظنا في هذا الوقت انه تنكسر هيمنه القوى العظمى السائدة لا تسمح لها بفرد عضلاتها الجديدة والزمن الآن فاتحة عالم جديد والشعب المصري جبار بكرسي واحد ضرب عشرون كلوب....الكلوب العثماني وحلم الامبراطورية العثمانية لدخول السوق الأوروبي والكلوب الثاني وهو الدولة اليهودية الخالصة والتي تسعى لايجاد وطن بديل وطرد فلسطينيي 48 وتكوين حزام من الدول الداجنة حول اسرائيل لا يمثل خطرا..دولا تعاني من الانقسام والصراعات بين السنة والشيعة وانكسر أيضا مشروع الشرق الأوسط الكبير تحت القيادة الاسرائيلية أي أن انتصاراتنا داست على مصالح كثير من الدول وكل الضغوط التي تلعب حاليا على مصر هي حرب حقيقية ويجب علينا أن لا نغفل أننا استطعنا أن ننتصر وان 99% من أوراق اللعبة التي كانت في يد أميركا استطاع الشعب المصري أن يضعها في جيبه.