خلف ملفي

قبل أكثر من عشر سنوات، وفي حوار مع حكم دولي، قال: quot;لو طبقنا quot;قانون كرة القدمquot; بشأن الألفاظ البذيئة والخادشة التي تصدر من لاعبين خلال المباريات، لطردنا أكثر من نصف الفريق أو الفريقين إذا كانا من منطقة واحدة، وبالتالي عدم استكمال الكثير من المبارياتquot;، مبينا أنهم كحكام يعرفون أن مثل هذه الألفاظ متداولة بين أغلب سكان المنطقة الغربية. ويواصل الحكم: quot;لذا نصم الآذان عن الكثير منها، ما لم يتعمد اللاعب إطلاقها في مواقف معينة، فيكون الإنذار الشفوي ثم البطاقة الصفراء تتطور للحمراءquot;.
ومن جانبي أقول، كنا في المدرجات نسمع ألفاظا تزلزل السمع وترجف لها القلوب، ولكن كل شيء كان ينتهي مع صافرة الحكم.
هذه المقدمة ليست تبريرا لما قد يتوهمه من ابتلي بهم المجتمع حول quot;العنصريةquot;، بل محاولة لملامسة الواقع المرير على الصعيد العام، واستمرار لما كتبته هنا في quot;الوطنquot; عن العنصرية وتداعياتها وضعف التعامل معها على مختلف الأصعدة.


وفي عالمنا الحديث الذي يكشف كل شيء، سأقصر الحديث على الجانب القانوني، الذي يجب أن يكون مقرونا بالجانب التوعوي، وحتى الآن لم نلمس ما يؤكد حرص المؤسسة الرياضية من رأسها الأكبر حتى أقل فرع فيها ما يثبت أنهم على قدر مسؤولية ما يدور من طحن وعراك وتلاسن وتحديات بشأن العنصرية وما يدور في فلكها من ألفاظ لا أخلاقية.
وأربط حديثي بفيديو أصدره الاتحاد الأوروبي، ويتم تداوله هذه الأيام في الهواتف الذكية، وأعادني سنتين حينما تم الترويج لبرنامج quot;حملة الاحترام.. الكرة لا تعني الكرهquot;، ومقترحات مشابهة لنبذ التعصب ومحاربة كل ما يؤثر في علاقاتنا، وما يحفزنا على تعميق المحبة وتجنب الكراهية، لا سيما وأن الرياضة أسهل وأقوى وسيلة في تحقيق الأهداف.
وفي الوقت الذي فرحنا بتهافت كل المسؤولين آنذاك، وتخصيص برامج تلفزيونية، إلا أن دواعي quot;البهرجةquot; افتضح أمرها سريعا، حتى ماتت كل هذه المشاريع دون أي خطوة عملية. وهذا ليس غريبا فالوعود وبنسبة تتعدى الـ90% مجرد كلام أو حبر على ورق..!


الاتحاد الأوروبي استثمر وجود النجوم بمختلف اللغات والجنسيات، يتحدثون بلغتهم الأم في فيديو عنوانه quot;الاحترامquot;؛ كي تصل الرسالة للعالم أجمع حيال نبذ العنصرية واحترام المنافسين.
ومن بين هؤلاء الحارس العماني الرائع علي الحبسي، المحترف في الدوري الإنجليزي وقال: quot;إن على النوادي والفيدراليات الوطنية الكروية الشروع في تنفيذ برامج مكافحة العنصرية، كما أن التعليم له دور كبير في محو هذه الظاهرة سواء في مجال كرة القدم أو داخل المجتمع المدنيquot;.
الحقيقة، أننا نجيد quot;صراخquot; الوعود والتهديد، لكننا في الجانب التوعوي صفر مكعب ، بل ربما الحث بطريقة غير مباشرة على كل ما من شأنه تفاقم هذه الأمور، وأستثني quot;قلةquot; من النقاد الرياضيين في تناولهم القضايا بفكر ووعي، بينما الغالبية وفي مقدمتهم المسؤولون هم أساس ما نعيشه من فوضى تتوسع في كل الاتجاهات، يواكبها بطء شديد في تفعيل واجباتنا التي أمرنا بها الرب عزّ وجل، وتحثنا عليها السيرة النبوية ونتشدق بها في عاداتنا وتقاليدنا.
المؤسف أن يدخل على الخط كتّاب quot;مثقفونquot; ولكنهم وبدلا من حمل لواء التوعية والتثقيف، إذا بهم يشهرون quot;سلاحquot; القتل وبعصبية أشد مما في المدرجات وأسوأ مما يخطه أغلب quot;نقادquot; العصر الحديث..!!