احمد عياش

في مثل هذا اليوم قبل ثمانية اعوام، أي في 19 تشرين الاول 2005 اصدر القاضي الالماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المنشأة عملاً بقرار مجلس الامن 1595 تقريره في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه التي حصلت في 14 شباط من العام نفسه. وعلى رغم مضي الاعوام الثمانية على صدور التقرير فهو لا يزال الاكثر اهمية في مسيرة التحقيق الدولي ومن ثم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي نشأت بعد التحقيق في هذه القضية. فهو لا يزال حاضراً بقوة في مسيرة قادة النظام الامني اللبناني - السوري المشترك الذين نفذت الجريمة ايامهم. ومن هؤلاء القادة اللواء في الاستخبارات العسكرية السورية جامع جامع الذي قتل في دير الزور اول من امس قبل يومين من الذكرى الثامنة لصدور تقرير ميليس. وتشاء الصدف ان يأتي مقتل جامع بعد ايام من صدور اتهام المحكمة الخاصة بحق حسن حبيب مرعي وهو quot;مناصر لحزب اللهquot; حسب تعبير المحكمة بالضلوع في جريمة اغتيال الحريري على خلفية شريط احمد ابو عدس الذي حاول الجناة تصويره منفّذا للجريمة قبل ان يدحض التحقيق الدولي هذه الفرضية.وكتب ميليس في تقريره في ذلك الوقت قائلاً: quot;(...) تفيد التقارير بأن الشيخ احمد عبد العال (احد مسؤولي جمعية الاحباش) التقى مسؤول المخابرات السورية جامع جامع مساء 14 شباط 2005 واعطاه معلومات عن السيد ابو عدس وهي المعلومات التي نقلها جامع جامع الى قوى الامن الداخليquot;. وفي مكان آخر يتطرق التقرير الى اتصالات خليوية رافقت جريمة الاغتيال والتي استندت اليها المحكمة في اتهامها الأخير فيقول: quot;حصلت اتصالات بين هذين الرقمين (وهما من مجموعة الارقام التي استخدمت يوم الجريمة) ورقم الهاتف الخليوي الذي يستخدمه ضابط المخابرات السورية جامع جامع يوميّ 14 و17 شباط 2005quot;. ويصل ميليس في تقريره وهو الاكبر من نوعه في قضية الحريري الى الآتي: quot;تخلص اللجنة بعد ان اجرت مقابلات مع شهود واشخاص مشتبه فيهم في الجمهورية العربية السورية وبيّنت ان ادلة كثيرة تشير بشكل مباشر الى ضلوع امنيين سوريينquot; في عملية الاغتيال.

كثيرون ممن واكبوا قضية الحريري وجدوا في تقرير المحكمة قبل ايام صدى لتقرير ميليس. ففي تقرير المحكمة ورد في اتهام العنصر الخامس من quot;حزب اللهquot;: quot;اتفق (مرعي) مع الشركاء على اداء افعال من شأنها توجيه اللوم زورا الى جماعة اصولية وهميةquot;.
المحكمة اختارت سلوك نهج الصعود من الاسفل الى الاعلى فقررت ملاحقة افراد كومبارس الجريمة الذين قال الامين العام لـquot;حزب اللهquot; حسن نصرالله انه لن يجري تسليمهم الى المحاكمة ولو بعد مئات السنين. في المقابل اختار ميليس قبل ثمانية اعوام النزول من الأعلى الى الأسفل فظهرت اسماء قادة النظام الامني المشترك على شاشة الاتهام. وفي انتظار انطلاق قطار المحكمة السنة المقبلة يأتي مقتل جامع جامع بعد مقتل اللواء آصف شوكت ليؤكد ان محكمة التاريخ في سوريا تعمل بموجب لائحة ميليس.