وحيد عبدالمجيد

آفة الإعلام هي الاختزالrlm;.rlm; فهو يختزل كل شيء بما في ذلك ما ينشر أو يبث فيهrlm;.rlm; فقد أصبح شائعا أن تختزل وسائل إعلام مصرية أو عربية ما ينشر في الصحافة العالمية اختزالا مخلا يبتسر الموضوع ويغير المعنيrlm;.rlm;

وآفة هذا الاختزال هي أنها تغذي عقلية المؤامرة التي تستسهل تفسير كل ما يحدث أو الكثير منه باعتباره نتيجة مخططات جهنمية أو شيطانية تستهدفنا. ورغم أن هذه العقلية هي جزء من تكويننا في مصر والعالم العربي والإسلامي, فهي تنشط بمعدلات فلكية في أوقات الأزمات وتبلغ مستويات قد تفوق الخيال.
وبحدث شيء من ذلك الآن في مصر. ولذلك فعندما نشرت روبين رايت الكاتبة في صحيفة نيويورك تايمز مقالة عادية قبل أيام تحت عنوان (لنتخيل الشرق الأوسط في حالة رسم خريطة جديدة له), تم اختزال هذه المقالة في الخريطة التي تخيلتها وتقديمها إلي القارئ والمشاهد عندنا باعتبارها خطة أمريكية جهنمية لتقسيم البلاد العربية. لكن من يقرأ المقالة نفسها يجد أنها تقدم تحليلا من وجهة نظر شخصية للصراعات التي تصاعدت في عدة دول عربية بما تنطوي عليه من تعميق الانقسام فيها واحتمال تحول هذا الانقسام إلي تقسيم. ولم تقل الكاتبة في أي موضع أنها تؤيد حدوث ذلك, بل نجدها تنبه إلي ضرورة التفكير فيما قد يترتب عليه حال حدوثه من تغيير في اللعبة الاستراتيجية بالنسبة إلي الجميع. وأعطت اهتماما خاصا لحالة سوريا التي تري أنها مهددة بالتمزق إلي ثلاث مناطق, وربطتها بما يحدث في العراق. كما تعرج علي الوضع المقلق في ليبيا واحتمال تمزقها إلي منطقتين أو ثلاث, وكذلك امكان إعادة تقسيم اليمن إلي دولتين, أو اندماج جزء من جنوبه في السعودية التي أسئ فهم ما كتبته عنه. فقد اعتقد بعض من اختزلوا المقالة أنها تتحدث عن تقسيمها هي الأخري, في حين أنها اعتبرتها آمنة نسبيا وأشارت إلي ما أسمته (الأفكار الخيالية بشأن بلقنة السعودية). وليست هذه إلا حالة واحدة من اختزال يحدث ليل ونهار وتبني عليه تخيلات عن المؤامرات علينا, في حين أننا نحن الذين نتآمر علي أنفسنا.