غسان شربل

حفرت laquo;حماسraquo; أنفاقاً كثيرة. لخرق الحصار. واستقدام السلع والسلاح. تحولت الأنفاق رئة للتنفس ووسيلة للالتفاف. تحولت صناعة مميزة وتجارة رائجة. ومرت في الأنفاق أشياء كثيرة وأوهام كثيرة. وفجأة طوت مصر صفحة laquo;الإخوانraquo;. لم يعد باستطاعة خالد مشعل زيارة محمد مرسي في قصر الاتحادية بعد السلام على المرشد محمد بديع. أصدقاء مشعل يقيمون في السجن ولم تعد زيارته مصر واردة. مصر السيسي اتهمت laquo;حماسraquo; بالمشاركة في دفع مصر إلى نفق laquo;الإخوانraquo;. أغلقت الأنفاق التي لم يجرؤ حسني مبارك على إغلاقها. استيقظت laquo;حماسraquo; ووجدت نفسها في النفق. خسرت القاهرة بعدما خسرت دمشق. وطهران بعيدة والعودة إلى الالتصاق بها مكلفة في المشهد الحالي للعلاقات السنية - الشيعية.

كانت laquo;حماسraquo; تقيم هانئة في محور الممانعة. وكان موقعها مميزاً. إنها الحلقة السنية الوحيدة في المحور. قيادتها في الخارج تقيم في دمشق وتحظى بتسهيلات. وعلاقتها بـ laquo;حزب اللهraquo; توفر لها حرية الحركة في لبنان ومخيماته. وكانت ايران سخية مع الحركة. لم تبخل عليها بالمال أو الصواريخ. وكان المجال الحيوي الأساسي لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل يشمل دمشق وطهران والدوحة مع إطلالات محدودة في عواصم أخرى وفقاً لاتجاهات الرياح.

عزّزت laquo;حماسraquo; شرعيتها في القطاع عندما واجهت الحرب الإسرائيلية عليه. كررت ما فعله laquo;حزب اللهraquo; في لبنان عام 2006 حين أدخل الصواريخ الإيرانية في معادلة النزاع مع إسرائيل. laquo;حماسraquo; حققت شيئاً إضافياً. الغارات الإسرائيلية أيقظت ميول رجب طيب أردوغان laquo;الإخوانيةraquo; ففكر في كسر الحصار على القطاع وكان ما كان من أزمة عميقة بين تل أبيب والقطاع.

لم يكن سراً أن الود كان مفقوداً مع مصر مبارك. كان الرئيس المصري يقول لزواره إن علاقات القيادة السورية بإيران أعمق مما يعتقد كثيرون. وكان يتعامل مع laquo;حماسraquo; بوصفها جزءاً من المحور الذي استنزف هالة ياسر عرفات ويستنزف حالياً موقع محمود عباس. ولم يكن غريباً أن تصاب laquo;حماسraquo; بـ laquo;عقدة مصرraquo; وحكم الجغرافيا هنا مبرم ولا يمكن رده.

قرأت laquo;حماسraquo; بدايات laquo;الربيع العربيraquo; بعينين ممانعتين وraquo;إخوانيتينraquo;. ابتهجت برؤية زين العابدين بن علي يتوارى ليبدأ في تونس زمن الغنوشي. وابتهجت برؤية مبارك يتنحى وبرؤية المرشد المصري وraquo;إخوانهraquo; يطلّون في الميادين ثم يتسلمون الأختام. وثمة من ذهب بعيداً وتوقع أن تلعب laquo;حماسraquo; دوراً في شرق أوسط جديد يقيم بين مرشدَين الأول في طهران والثاني في القاهرة. دمشق أيضاً قرأت الأحداث التونسية والمصرية بعينين ممانعتين قبل أن يتكشف أن الربيع مثقل برياح laquo;الأخونةraquo; لا الممانعة. خيل لدمشق أن الممانعة بوليصة تأمين ضد اقتراب الربيع منها. وربما شاركتها قيادة laquo;حماسraquo; الاعتقاد. لكن الرياح لفحت سورية.

راقب مشعل المشهد السوري. وراقبت السلطات السورية رد فعل laquo;حماسraquo;. ولم يكن سراً أن الأرياف التي انتفضت سنية. وأن لـ laquo;إخوانraquo; سورية حساباً قديماً مع النظام. وحين سال الدم لمنع المحتجّين من التحصن في laquo;ميدان تحريرraquo; يشبه نظيره في مصر أو العثور على بنغازي سورية ازدادت حراجة الموقف. دخلت عناصر جديدة على الأزمة. موقف الشيخ القرضاوي وترويج قطر للربيع. نصح مشعل المسؤولين السوريين بضرورة البحث عن حل سياسي laquo;لأن المشكلة ليست أمنيةraquo;. أجرى اتصالات وقام بشبه وساطات. لكن الوضع تفاقم. كانت دمشق تريد من laquo;حماسraquo; موقفاً أوضح لا سيما من حملات القرضاوي عليها. استنتج مشعل أن المغادرة صارت أفضل من البقاء وأقل كلفة وهكذا فعل. أكتب استناداً إلى ما رواه لي في عمان وقد حرص على التشديد مرات أنه لا ينسى ما قدمته سورية للمقاومة وraquo;حماسraquo;. وكادت المغادرة أن تؤدي إلى قطيعة بين laquo;حماسraquo; وإيران لولا تدخل السيد حسن نصرالله الذي يدرك الحاجة إلى laquo;حماسraquo; في منطقة تنزلق نحو نزاع سني - شيعي مدمر.

تقيم laquo;حماسraquo; حالياً في النفق. الرئيس السوري يتهمها بـ laquo;الخيانة والغدرraquo;. والنظام المصري الحالي يتهمها بلعب أدوار أمنية خطرة على الأرض المصرية. ولم يعد سراً. دمشق الحالية تفضّل محمود عباس الذي كانت تكلف laquo;حماسraquo; وraquo;الجهادraquo; بعرقلته. والقاهرة الحالية تفضله. ومثلهما عمان. رجل واحد يستطيع مساعدة laquo;حماسraquo; على الخروج من النفق. اسم هذا الرجل محمود عباس. لكن هذه المساعدة ليست مجانية ويتحتم على laquo;حماسraquo; دفع ثمنها. خُطب إسماعيل هنية لا تكفي للخروج من النفق ولا تساعد. تحتاج laquo;حماسraquo; إلى ما هو أكثر.