تركي الدخيل

نعلم أن السعودية هي موضع حديث العالم. وهذا يدلل على أننا لسنا شعباً هامشياً، وعلى أننا نتغير باستمرار. حدثان في هذا الأسبوع كان لهما دوي كبير، أولهما: رفض السعودية لعضوية مجلس الأمن، والثاني-مع الفارق- قيادة المرأة للسيارة.

وسائل إعلام في الشرق والغرب تناقش هذه الموضوعات. آخرها وسيلة إعلامية بارزة مثل الCNN، الغريب أننا لم نحلل هذا الحضور الذي باتت السعودية تشكله على المستويين السياسي والاجتماعي. كنا في السابق مجرد حقول للبترول، ويعرفنا العالم بهذا الذهب الأسود الذي يقبع تحت صحرائنا اللاهبة، الآن ثمة تغيرات كبرى، صرنا نحضر في الإعلام العالمي ليس على مستوى quot;المرضquot;، ومن ثم quot;التشخيصquot;، بل على مستوى التأثير والتأثر، أو السجال والصراع أحياناً.

ليس سيئاً أن يكون الحوار حامياً بين التيارات والأطراف، فهذه سنة الحياة، ومنذ بدء التاريخ وانتعاشة الكلمة كانت الآراء تتعدد وتتنوع، ومن هنا يكون للحوار الفكري معانيه الرحبة، وتأثيره العميق في أوساط أي مجتمع، بشرط أن يكون الحوار بين النخب ضمن أطر الحكمة لا ضمن انزلاقات السفه والطيش وأحياناً الشتائم والقذف. حين نناقش أي قضية مهما كانت صغيرة أو كبيرة لابد أن نستحضر طلب الحقيقة أو المصلحة على الأقل. حين نريد أن نثبت للعالم أننا نتغير أو نتطور لابد أن نكون ضمن النمط الحضاري في النقاش والسجال أو حتى الصراع.

أسست هاشتاقات لهذين الموضوعين، قيادة المرأة، ورفض السعودية لعضوية مجلس الأمن، بين من يؤيد ومن يعارض، وهذا هو الطبيعي، وبرأيي أن السعودية أرادت من خلال موقفها أولاً بالصمت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وعدم إلقائها أي كلمة، ومن ثم موقفها بما يتعلق بعضوية مجلس الأمن، أن تقول للعالم لابد من إعادة النظر بالمعايير الأخلاقية التي تحرك هذا الكوكب، والصمت الذي يجري تجاه أزمات كبرى منها فلسطين وسوريا لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وإلا فماذا أفاد مجلس الأمن للعالم أو للبشرية؟! وبما يتعلق بقيادة السيارة فقد مللنا الحديث عنها، وحدهم الناس من يقررون ذلك.

بآخر السطر، نحضر في العالم بمواقفنا، لكن علينا أن نحضر حضارياً بحوارنا، وأن نتجاوز اللغات النابية والكلمات الجارحة، والكلام الفض، هذا إذا أردنا أن يكون لنا صوتاً مؤثراً، لا أن يُحضرنا الإعلام بوسائله بوصفنا أمراضاً تحتاج إلى تشخيص.