عدنان حسين

لا أدري كيف يُمكن، ومَنْ يُمكنه، إقناع السيد نوري المالكي بأن عناده أمر مذموم ووخيم العواقب، وان المحمود أن يقلع فوراً دون إبطاء عن هذا العناد من أجل نفسه ومن أجل حزبه ومن أجل كتلته النيابية.. ومن أجل العراق وشعب العراق قبل كل شيء.
اصرار المالكي على عدم الاستماع الى الآخرين عناد، وإصراره على الاستماع فقط الى العصبة المحيطة به المُتخمة بالجهلة النفعيين عناد.. وعناد أيضاً اصراره على التمسك بالقادة الأمنيين الذين اختارهم بنفسه واثبتوا للمرة الألف على التوالي انهم فاشلون تمام الفشل.
العناد الأجوف الذي لا مبرر له ولا طائل فيه ولا جدوى منه صفة ذميمة وسلوك غير سوي، وهو علامة على جهل، أو على تكبّر، أو على مكابرة، او على سوء تقدير للأمور، أو على عدم التحلي بروح المسؤولية، أو علامة على هذا كله مجتمعاً. الحكيم لا يُعاند، فالمعاند مُقفل العقل، والحكيم يكون حكيماً لأنه لا يقفل عقله.. انه يفتحه على خيارات عدة، فاذا ما أدرك ان الطريق الى أحد الخيارات غير سالكة سار على غيرها، فإنْ تعثّر مسيره على هذه اقتحم أخرى. المهم أن يُحقق هدفه النبيل بالعقل والحكمة، فما من هدف نبيل يتحقق بالجهل أو التكبر أو المكابرة أو سوء التقدير للأمور أو عدم التحلي بالمسؤولية، ولا بهذا كله بالطبع.
الآن بالذات يتعيّن على السيد المالكي أن يكفّ عن عناده. يجب أن يُدرك انه وحكومته ومن يعتمد عليهم في إدارة ملفات الدولة، وبخاصة الملف الأمني، فاشلون تماماً.. الآن بالذات، لأن الفواجع صارت جماعية ويومية.. يومياً يسقط ما بين العشرات والمئات من العراقيين قتلى العمليات الإرهابية التي تعجز حكومة المالكي وأجهزته الأمنية عجزاً لا نظير له في مواجهتها، ويُصاب المئات غيرهم وتتدمر أملاك عامة وخاصة بملايين الدولارات .. كل الخطط الأمنية المعلن عنها، اذا كانت هناك بالفعل خطط، ثبت انها فاشلة، وكل التكتيكات المتّبعة فاشلة، فالارهاب يتقدم باطّراد والأمن يتراجع باستمرار، وليس لهذا سوى معنى واحد هو ان القيادة الامنية في البلد غير آهلة وغير كفئة، وقد تكون غير وطنية أيضاً، وصار من اللازم والواجب والمُحتّم تغييرها حفظاً لأرواح الناس ودمائهم وأملاكهم، ومن أجل مواجهة الارهاب وكسر شوكته ومكافحة الفساد المالي والاداري، أهم حواضن الإرهاب.
لا مناص من تغيير القيادات الأمنية الحالية في سبيل تحقيق الاستقرار وانطلاق عملية اعادة الاعمار والتنمية.. فلا استقرار مع الارهاب ولا اعمار ولا تنمية من دون استقرار. ومع قيادات أمنية فاشلة وخطط فاشلة وتكتيكات فاشلة لا ردع للارهاب ولا مكافحة للفساد.
يجب أن يُدرك السيد المالكي هذا فيتخلى عن عناده المتسبب بكل هذا الهلاك والدمار والخراب، ويجب ان يُدرك أيضاً انه يتحمل المسؤولية كاملة الآن وفي المستقبل عن العواقب الوخيمة لعناده.