علي بردى

سواء أعقد الشهر المقبل ام لم يعقد، لن ينهي مؤتمر جنيف ndash; 2 الأزمة السورية. لا تضع الحروب أوزارها بالتمنيات. لا يبدو المتحاربون على استعداد الآن لعقد تسوية تاريخية. يظهرون مزيداً من التصميم على تحقيق انتصارات ميدانية مستحيلة. يثير الحزن أن هذه المأساة السورية لا تزال في بدايتها. يبعث على الأسف أن اللبنانيين عاجزون عن إدراك حجم الأخطار الآتية من حدود الشمال والشرق، دعك من الخطر القديم على حدود الجنوب.
يراقب مسؤولو الأمم المتحدة الوضع في لبنان عن كثب. ثمة قرار دولي بمنع امتداد نيران الحرب في سوريا الى جوارها الأهش. يبنى هذا الأمل ليس فقط على تصميم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، على حماية لبنان، بل أيضاً على مقاومة غالبية اللبنانيين ميل بعضهم الى نسيان مرارات الإحتراب المجاني طوال أكثر من 15 عاماً. الرحمة لمن نبذ quot;حروب الآخرينquot; التي لم يحصد أحد شيئاً منها سوى لوائح طويلة من القتلى. كل فريق يسمي قتيله شهيداً. أحياء تحولوا صوراً على جدران.
لأن سوريا تتحول quot;أرض فوضى وعصاباتquot;، يتحسب ديبلوماسيون لأخطار عدة تواجه لبنان:
1 ndash; يتبلور الخطر الأول من التدفق الهائل للاجئين السوريين، الذين صارت نسبتهم الآن نحو 20 في المئة من سكان لبنان. يرجح أن يتزايد عددهم باطراد، أولاً لعدم وجود أي آفاق لتسوية الأزمة السورية في المدى المنظور، وثانياً لاحتدام المعارك أكثر فأكثر في مناطق آهلة قريبة من الحدود اللبنانية. وقد استرعى الانتباه أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ndash; مون أن ثلاثة أرباع سكان مدينته طرابلس صاروا من السوريين!
يخشى البعض تسلل كثيرين من quot;الأشرارquot; بين مئات الآلاف من اللاجئين الأبرياء الهاربين من الحرب المتمادية في سوريا. لا عجب إن ازداد مستوى الجريمة والبطالة والتوتر.
2 ndash; ينجم الخطر الآخر عن غياب التسوية السياسية بين الأفرقاء اللبنانيين مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية. قد تحول الخلافات المستحكمة بينهم دون انتخاب رئيس جديد للبلاد عندما يحين ذلك منتصف السنة المقبلة. أما تعديل الدستور لتمديد ولاية الرئيس ميشال سليمان، فيحتاج الى غالبية الثلثين المفقودة في مجلس النواب. إذا استمر المأزق السياسي، سوف تنتقل صلاحيات الرئاسة كلها ndash; بموجب الدستور - الى مجلس الوزراء مجتمعاً. يسيطر quot;حزب اللهquot; على الغالبية فيه.
سيجد اللبنانيون أنفسهم الصيف المقبل بلا رئيس للجمهورية، وبرئيس وزراء مستقيل لا يستطيع شيئاً غير تصريف الأعمال. لا يعرفون ماذا سيفعل رئيس الوزراء المكلّف.
على وقع استقطاب اقليمي بين محورين كبيرين وتحولات جيوسياسية لا سابق لها منذ أكثر من قرن، يرتسم الآن الشرق الأوسط الجديد.
أبعدوا هذا البلاء عن لبنان!