نوال السعداوى

من إيجابيات الثورات أنها لاتسقط النظام المستقر فقطrlm;,rlm; بل تسقط فكرة الاستقرار ذاتهاrlm;,rlm; التي تتمسك بها الأنظمة المستبدةrlm;.rlm;


تواكب الثورات السياسية ثورات فكرية, تنتج عنها تغييرات جذرية للعقل وتطور جديد لرؤية العالم.
من فوائد الأزمات أنها تقود للثورات, التي تغير النظريات الثابتة في العلوم الطبيعية و الاجتماعية, منها الطب والبيولوجيا والكيمياء والفيزياء والفلسفة والاقتصاد والأديان والأخلاق, قانون الحياة هو التغير, لا توجد حتمية بيولوجية أو عقائدية, يتطور المخ البشري مع الثورات المتكررة وتغير النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعائلية.
نحن نغير حياتنا عندما نغير عقولنا, وعندما نغير عقولنا نقوم بثورات تغير النظام الذي يحكمنا, والذي يسهم بدوره في تغيير عقولنا, هكذا يستمر التطور العقلي للانسان عبر ملايين السنين تطور المخ البشري وأصبح له ثلاثة أجزاء:
الجزء القديم الموروث من مخ الزواحف( الجذع المخي) وظيفته الحفاظ علي البقاء, مركز الأكل والشرب والتكاثر والدفاع عن النفس.
الجزء الثاني( الطرفي) يشترك فيه مخ الانسان مع مخ الثدييات, مركز الذاكرة والتعلم والتقليد والقيام بالعمليات الآلية للحياة اليومية.
الجزء الثالث, المخ الترابطي( الفص الجداري) أو القشرة الحديثة تكونت ببطء شديد, وأصبحت قادرة علي التخيل والربط بين الأشياء غير المترابطة, والإبداع وحرية التفكير والصدق والعدالة والمسئولية الأخلاقية, انه العقل الحديث, يواجه به الإنسان المفاجآت والأزمات, ويتغلب عليها بالمنطق والبرهان والخطط: التصدي للعدو الخارجي أو تنظيم الثورات لإسقاط النظام, وبناء نظام جديد أكثر عدلا وحرية.
الأجزاء الثلاثة للمخ تتداخل وتترابط وتتيح لنا الجمع بين قوة التعقل والتوازن وجموح الخيال والثورة والإبداع, هذه القدرة العقلية تربط بين14 ألف مليون خلية عصبية, وهي عبقرية الانسان الذي أبدع الاختراعات العلمية والثورات الاجتماعية, التي حطمت الثوابت والحتميات البيولوجية والعقائدية, وصنعت ثوابت وحتميات جديدة, تتحطم بدورها مع الابداع والثورة وتجديد العقل الانساني, فهل يعجز هذا العقل العبقري عن تحرير العالم من الحروب المشتعلة في كل مكان حتياليوم ؟ وهل يعجز عن القضاء علي الفقر أو القهر الاقتصادي الذي يطحن الأغلبية الساحقة من الشعوب ؟ وهل يعجز عن إنهاء القهر الجنسي للنساء والأطفال ؟
وهل تعجز عقولنا بعد ثوراتنا المتعاقبة عن تمهيد الطريق لتحقيق الأهداف الثورية؟ أو علي لأقل, إصدار دستور جديد يحقق المساواة بين المواطنين دون تفرقة بسبب الدين أو الجنس أو الطبقة؟.
ليست المشكلة عجز العقل البشري, بل النظم الحاكمة الظالمة بقوة الأموال والإعلام والدين والسلاح, واستخدام اللعب السياسية والكلمات المراوغة لإخفاء الظلم والتفرقة, مثلا كلمة الهوية ماذا تعني؟ وكيف تشعل الهوية النيران لحرق العدالة في الدستور؟ وهل هوية الدولة تختلف عن هوية الوطن والمجتمع والشعب ؟ هل هوية المرأة تختلف عن هوية الرجل ؟ هل هوية الإنسان المصري تختلف حسب موروثه من المذاهب أو الأديان أو الايديولوجيات ؟ أليست الهوية الإنسانية حقا للجميع بالتساوي والعدل ؟ أم أنها هوية الحزب الإسلامي السلفي المسيطر بأفكاره اللامعقولة ؟ هل توقفت عقولنا عن التطور حتي يسيطر علينا اللامعقول ؟ كيف لأستاذ جامعي أن يعلق بعنقه خرزة زرقاء تقيه الحسد ؟ كيف لأستاذة جامعية بالنانو تكنولوجي أن تغطي رأسها لأنه عورة ؟ كيف لزعيم اشتراكي الجمع بين أربع زوجات في فراش واحد ويعاملهن بالعدل ؟
كيف لمثقف أن يفسخ بإرادته المنفردة عقدا وقعه هو وزوجته معا؟


كيف يعيش1% من المصريين في القصور و95% في القبور؟
كيف تعجز الدولة عن عقاب واحد ممن قتلوا الثوار؟ أو واحد ممن زرعوا الفساد ؟ أو استرداد شيء من الأموال المنهوبة المهربة ؟
تندرج النظم الظالمة تحت الانحرافات التطورية, فتنمو قلة علي حساب الأغلبية, أو ينمو عضو بالجسد علي حساب الأعضاء الأخري, مما يوقف التطور لبعض الكائنات الحية, في نوع من الإبل, تضخم قرن الذكر مما عرقل سيره فتخلف عن الركب ومات, وأدي تضخم فقرات الذيول لانقراض بعض الفيلة أو الديناصورات فهل ينقرض نوع بشري في القرن العشرين بسبب التحيز ضد الجنس الآخر أو ضد الطبقات والمذاهب الأخري ؟.