رونين بيرغمان

من قتل ياسر عرفات؟ ظاهرا الغرابة حول السؤال الاول تبددت أمس من قبل المختبر في سويسرا، والان يُسأل فقط السؤال: lsquo;من أمسك بالمسدس المدخن؟rsquo;.
دون اجراء استطلاع علمي للرأي العام يمكن الافتراض أنه لم تكن حاجة الى نتائج المختبرات في سويسرا لاقناع الكثير من الفلسطينيين، إن لم يكن معظمهم، بان اسرائيل سممت زعيمهم. فهذه الاتهامات انطلقت فور وفاته ونالت الزخم منذئذ. والنتائج من فحص ملابس عرفات التي نشرت في الجزائر في حزيران من العام الماضي والنتائج التي نشرت أول أمس من الفحوصات التي اجريت على بقايا جثته تثبت، برأي الفلسطينيين ما كانوا يعرفونه منذ زمن بعيد.
النشر الرسمي لنتائج الفحص من شأنه أن يورط اسرائيل في الساحة الدولية وذلك لانه مقبول الافتراض بان فقط الدول ذات القدرات النووية يمكنها أن تنتج البلونيوم. وهكذا مثلا، فان مصادر مرتبطة بنظام بوتين استخدمت المادة في 2006 كي تصفي بريطانيا رجل مخابرات سابق lsquo;افشى بالاسرارrsquo;.
أما عمليا فالامور ليست منتهية وواضحة. في العام 2004 لم يكن يعرف العالم سلاح البلونيوم. ولهذا فان اطباء عرفات لم يبحثوا عن هذا السم في جسده. ولم يتبقَ امامهم غير النظر بعجز على مدى 13 يوما نزاعه حتى الموت. البلونيوم هو مادة مشعة تتفكك بسرعة: زمن نصف حياتها هو 138 يوما. ومعنى الامر: في كل 138 يوم تقل كمية البلونيوم بـ 50 في المائة. وحتى لو سمم عرفات بالبلونيوم، فبعد سنوات كثيرة بهذا القدر يفترض بالسم أن يكون تبدد في اغلبيته الساحقة. هناك خبراء يدعون بانه يحتمل أن تكون العينات التي اخذت من بقايا جثة عرفات لوثت بالبلونيوم بأثر رجعي بعد أن اخذت من القبر. وحتى الخبراء السويسريون قالوا انه لا يمكن الاثبات من العينات بان عرفات مات بالبلونيوم بل انه يوجد lsquo;احتمال معتدلrsquo; فقط في أن يكون هذا ما حصل. فضلاrsquo; عن ذلك، ففي عامي 2002 2003 انتشرت تقديرات بان الجيش الاسرائيلي أعد خططا احتياطية لطرد عرفات او تصفيته، وسارع الامريكيون الى الطلب من اسرائيل الا يصيبه أي ضُر. في اللقاء في البيت الابيض في نيسان 2004 طلب بوش من شارون أن يضمن له ألا يمسوا بعرفات. حاول شارون التملص. ولكن بوش لم يتساهل الى أن تعهد شارون صراحة الا يقتل عرفات. وبعد وقت غير طويل من ذلك اصيب عرفاتrsquo; بمرض الامعاء الغريب.
من جهة اخرى نفى ناطقون اسرائيليون بشدة أن تكون اسرائيل ضالعة في القضية. وهذا نفي قاطع ليس في جانبه مثلما في حالات موت غريبة اخرى (عماد مغنية، محمود المبحوح) غمزة ايضا. lsquo;نحن غير ضالعينrsquo;، قال لي بوجه مكفهر في مقابلات للنشر مسؤولون كبار في اسرة الاستخبارات وفي القيادة السياسية في فترة موته. وعلى حد قولهم، لم تكن لاسرائيل أي مصلحة للمس به. العكس هو الصحيح: عرفات كان ضعيفا، مهانا وعديم الشرعية. وكان هذا مريحا لاسرائيل. ومقابل ذلك يمكن القول ان شارون مقت عرفات. وكان له حساب طويل معه منذ حرب لبنان الاولى.
السطر الاخير: اذا كان شارون بالفعل هو الذي امر بتصفية عرفات، فان الامر يكون قد تم في سر كتوم. الكشف عن هذا السر غير متوقع في المستقبل المنظور.


يديعوت