محمد خروب


استعادت كتائب عبدالله عزام laquo;القاعديةraquo; مصطلح laquo;الغزوةraquo; بعد اثني عشر عاماً على laquo;غزوتيraquo; نيويورك وواشنطن، اللتين دشنتا لمرحلة جديدة تَغوّل خلالها الوحش الامبريالي المتعطش للدماء ونهب الثروات والهيمنة في موازاة الارهاب الجهادي التكفيري، الذي ولغ في دماء الابرياء واتقن سفك الدماء وقطع الرؤوس وأكل الأكباد واشاع الخراب في البلاد تدميراً وعدواناً واجراماً، مستنداً الى laquo;تراثraquo; من الفتاوى والقراءات المتخلفة التي لا تمتّ الى الدين بصلة، بل تغرف من معين لا ينضب من التخلف والجهالة والبؤس الاخلاقي والقيمي .. ودائماً في تعصب وتطرف، ينهضان على تحريض طائفي وفرز مذهبي يفتح الطريق واسعاً على فتنة كبرى، يعلمون قبل غيرهم انها غير مرشحة للانتهاء اذا ما اشتعلت.
تفجيرا بيروت laquo;الانتحاريانraquo; باستهدافهما السفارة الايرانية، يشكلان مرحلة متقدمة في المواجهة المذهبية التي اعلنتها صراحة هذه الجماعات التكفيرية بعد ان كانت الضاحية الجنوبية هدفاً لسيارات مفخخة وقبلها صواريخ كاتيوشا، باتت المؤشر الاكثر سطوعاً على انتشار الحريق السوري في بلاد الارز التي ظن اغبياؤها وخصوصاً في فريق 14 اذار وعلى رأسهم تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، انهم باحتضانهم وامدادهم مسلحي سوريا، وارهابييها بالاسلحة والعتاد والاموال وتأمين الاستشفاء لهم بالاضافة الى التدريب ودائماً في النفخ في كير الفرز المذهبي، انهم قادرون على استعادة السلطة او حُكم لبنان في شكل منفرد بعد ان يُطاح بالنظام السوري الذي كانت ثقتهم بتلك الاوهام، حتمية ويقينية لا تقبل سؤال laquo;هلraquo;؟ بل متى؟ وكانوا يجيبون في ثقة (الساذج والجاهل بالطبع) .. انها مسألة وقت، ودأب سعد الحريري على القول أنه عائد الى بيروت عبر مطار دمشق (يا لأوهامه البائسة).
قد يندرج laquo;نجاحraquo; البطلان laquo;السُنيّانraquo; على ما وصفهما الشيخ laquo;اللبنانيraquo; في تنظيم القاعدة سراج الدين زريقات في تغريدته التي تبنت التفجيرين، في خانة الحرب المستعرة والمعلنة بين عواصم اقليمية نافذة تقيم في خنادق متقابلة وتذهب في اتجاه حسم الأمور laquo;مذهبياًraquo; على الساحة اللبنانية، بعد ان بات laquo;الميدانraquo; السوري معقدا ومكشوفا ومفتوحا على احتمالات ماثلة (بالنسبة للمتمردين وداعميهم) ليس أقلها الهزيمة المدوّية التي بدأت نذرها تلوح في الافق ليس فقط في الاندحار المتواصل لكتائب المسلحين على اكثر من جبهة وموقع استراتيجي في بلاد الشام، بل وايضا في انهيار معنوياتهم وشعورهم بالخذلان من قبل laquo;اصدقائهمraquo; حيث بات هؤلاء (الاصدقاء) يضيقون ذرعا بسذاجة وفساد معارضات الفنادق وضحالة شعبيتهم في الداخل، فضلا عن ارتكابات المسلحين وممارساتهم القمعية وتلك المتخلفة تجاه السكان المدنيين الذين ابتلوا بتواجدهم بينهم، حيث لم يعد هؤلاء (المدنيون) يخشون من القول لهؤلاء: ضقنا ذرعا بكم.
رسالة laquo;التفجيرينraquo; موجهة لاتجاه واحد ومعروف.. laquo;ها نحن ندشن الحرب المذهبية فاستعدوا ايها الروافض والنصيريين والملحدينraquo; وردود الافعال المتشفية والشامتة التي جاءت من فريق 14 اذارا واختصرتها العبارة الشهيرة laquo;مَنْ يزرع الريح يحصد العاصفةraquo; تؤكد ان لبنان الذي كان على الدوام laquo;مختبراraquo; للتطورات الاقليمية وصندوق بريد لارسال الرسائل وميدان تدريب بالذخيرة الحية وكواتم الصوت وصراع اجهزة الاستخبارات الدولية والاقليمية بما فيها الغربية، قد استعاد laquo;هويتهraquo; المعروفة واقامته الدائمة في عين العاصفة، رغم ان تجربة الحرب الاهلية المتمادية laquo;كادت: ان تُعلّم laquo;شعوبهraquo; فن العيش المشترك الحضاري والاخلاقي والقيمي، وان تعيد الاعتبار لما افرزه اتفاق الطائف من توافقات وبخاصة في كون لبنان الوطن النهائي لابنائه وان انتماءه العربي محسوم ومؤكد، لكن laquo;القاعدةraquo; وتشكيلات الارهاب الاخرى (غير اللبنانية وان كان بعضها يتم بتواطؤ لبناني صارخ) قررت تحويله الى ساحة حرب طائفية ومذهبية، تأمل عواصم اقليمية ان تعوضها هذه التفجيرات والاغتيالات عن فشلها المُعلن في سوريا او للاتكاء عليها وتكريس لبنان ساحة خلفية (مستقبلية) لاستنزاف سوريا والحؤول دون استعادتها وأمنها ودورها ومكانتها.. وخصوصاً عروبتها التي يحاول الطائفيون والمذهبيون والمغامرون والتكفيريون الطمس عليها وشطبها.