بيروت - أمندا برادعي

لم يخرج مؤتمر laquo;حياد كل من سويسرا والنمسا وإمكان التطبيق في لبنانraquo; إلى نتيجة في شأن إمكان تطبيق الحياد في لبنان. وفيما كان هدف المؤتمر الذي عقد الأربعاء الماضي في فندق فينيسيا في بيروت، تقريب وجهات النظر والتوصّل إلى ما يتمنّاه اللبنانيون لتحقيق السلم والابتعاد عن الصراعات وتداعياتها على لبنان، فإن المشاركين في المؤتمر من نواب ومسؤولين في أحزاب وجمعيات طرحوا مواقف متباينة إلى درجة كبيرة.

حياد لبنان من المشاريع التي كانت طرحتها بعض الأحزاب اللبنانية في معرض تصورها لإخراج لبنان من أزماته المتلاحقة ظناً منها أنه يشكل البيئة المناسبة لإبعاد لبنان عن أسباب الصراع الخارجي ووسائله وتأثيراته في الواقع اللبناني، قابله رفض مطلق من أفرقاء آخرين باعتباره يُبعد لبنان عن قضايا مركزية عربية وفي طليعتها الصراع العربي - الإسرائيلي: فهل يمكن تطبيق مبدأ الحياد دستورياً شرط إعطاء لبنان رأيه تجاه قضايا أخرى كما فعلت النمسا وسويسرا؟

بصرف النظر عن قوة أدلة المطالبين والرافضين نظامَ الحياد أو ضعفها، ثمة ضرورة لمقاربة معوقات نجاح هذا النظام وشروطه ومدى انطباقها على الواقع اللبناني، باعتبار أن حجج القبول والرفض شيء وإمكان التطبيق والنجاح شيء آخر.

الجلسة الأولى للمؤتمر الذي افتتحته مديرة معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان، وشاركت فيها السفيرة السويسرية لدى لبنان روث فلينت والسفيرة النمسوية أورسولا فاهرينغر ومدير المركز اللبناني للدراسات سامي عطالله وتحدث فيها مدير تحرير المجلة السويسرية للقانون الدولي والأوروبي لورينز لاجير وممثل حزب laquo;الكتائب اللبنانيةraquo; سجعان القزي ومفوض الإعلام في الحزب laquo;التقدمي الاشتراكيraquo; رامي الريّس، شهدت تضاربا في مواقفهم.

واتفقت السفيرتان السويسرية والنمسوية على أن laquo;هذا الموضوع يثير الكثير من الاهتمام في لبنانraquo;، وأوضحتا أن laquo;لا النمسا ولا سويسرا تريدان أن تتدخلا في سياسة لبنان الداخلية، وخيار اللبنانيين حر في اختيار سياساتهم وهذا أمر يعود إليهمraquo;.

ولفتت كيوان إلى أن laquo;الأحداث التي توالت في المنطقة لم تسمح للبنان بالبقاء محايداًraquo;، متحدّثة عن laquo;خمس سقطات دفع لبنان أثمانها منذ استقلالهraquo;. وسألت: laquo;ما هي الآلية القانونية لتكريس مبدأ الحياد دستورياً؟ وما هي الآلية الدولية التي يمكن أن تعطي ضمانات لتحييد كهذا؟raquo;.

وأيّد لاجير مبدأ الحياد باعتباره laquo;ليس خياراً ضعيفاً، بل هو موقف قوي يتطلب الإجماع الداخلي من أجل سيادة لبنان، وعدم التدخل من جهات خارجية في هذه السيادةraquo;، مشيراً إلى أن laquo;سويسرا لم تشارك بعد اعتمادها الحياد عام 1955 في أية عقوبات جماعية، فالحياد السويسري كان يعتبر مميزاً وهي حافظت خلال الحرب العالمية على علاقتها مع كل الأطراف المتنازعةraquo;.

وفيما استبعد الريّس إمكان تطبيق الحياد، واصفاً إياه بـ laquo;الصعبraquo; لأسباب عدّة أبرزها الانقسام في لبنان الذي laquo;يؤدي إلى إتاحة التدخل الخارجي في شؤونهraquo;، وتأثير القوى الإقليمية، أكد القزّي أن laquo;حزب الكتائب، عام 1961، هو أول حزب طرح موضوع الحياد في شكل رسمي على المسؤولين والرأي العامraquo;، مشيراً إلى أن laquo;التزام الحياد والولاء فقط للبنان هو أساس وحدتهraquo;. وأعلن أنه laquo;إذا لم يتم تحييد لبنان من الآن إلى 10 سنوات في حد أقصى أشك في استمرار وحدة الكيان اللبنانيraquo;. وبسّط موضوع الحياد، مشدداً على عدم laquo;فلسفته وتسييسه بل النظر إليه نظرة بسيطة كاثنين يحب بعضهما بعضا ويقطعان علاقتهما بتجاربهما السابقةraquo;. وقال: laquo;الحياد يستلزم توقيع الأمم المتحدة لأنه يحتاج إلى حماية دوليةraquo;.

في الجلسة الثانية التي حملت عنوان laquo;اجتياز ديناميكيات الصراع الإقليميraquo;، قال سفير النمسا السابق وكبير مستشاري المعهد النمسوي لأوروبا والسياسة الأمنية فرانز سيديه: laquo;النمسا لعبت دور الحياد في السياسة الخارجية في شكل ناجح جداً وهي لم تكن تقف جانباً عندما كان يتعلّق الأمر بالاتفاقات الدولية وفتحت حدودها للمجريين عام 1968، وكانت واضحة في موقفها السياسي عندما اجتاح الاتحاد السوفياتي يوغوسلافياraquo;، مشيراً إلى أن laquo;دولاً لا مصلحة لها في أن يكون لبنان حيادياً، ولتحقيق الحياد على لبنان أن ينعم بالتوازن بين جميع الأحزابraquo;.

كلام سيديه لا يختلف عن موقف مستشار الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري محمد شطح الذي قال: laquo;ليس لدينا توازن بل هناك استراتيجية إيرانية دفاعية، وحزب الله لأنه يشكل قوة عسكرية مهمة الآن لسورية. تحقيق مبدأ الحياد يستلزم توازن القوى في لبنان فيما حزب الله يشكل قوة عسكريةraquo;.

وأضاف: laquo;نؤمن بهذا التحييد ونؤمن بأن يكون تحييد لبنان على أجندة الأسرة الدوليةraquo;.

أما عضو laquo;تكتل التغيير والإصلاحraquo; النائب غسان مخيبر فقال: laquo;إن الحياد ليس مجرد عملية داخلية بسيطة، والمطلوب دولة لبنانية قوية واعتمادها شرائع القوانين الدوليةraquo;. وإن laquo;السيادة وحدها لا تكفي لضمان الحياد من دون قوة أرضية فاعلة لصيانة الحيادraquo;. ورأى أن laquo;الكثير من القرارات الدولية لمصلحة لبنان ستُلغى إذا أعلن لبنان الحياد وتخلّى عن قوته الرادعةraquo;.