محمد كريشان

قرار ما يعرف بـ lsquo;الهيئة الشرعيةrsquo; في مدينة حلب السورية إلغاء مهنة المحاماة هناك أثار حالة من الدهشة والاستياء من الحقوقيين قبل غيرهم، فقد وصفت مجموعة من المحامين المعارضين هذا القـــــــــرار بـ lsquo;غير المسؤول والجاهل بمهنة المحاماة وحق الدفاع المصون في الشريعة الإسلاميةrsquo; فيما وصفته مجموعة أخرى من القضاة المعارضين بأنه lsquo;قرار ينتمي إلى عصور ما قبل التاريخ وفـُـرض بالقوة لأن الأقوى من الناحية العسكرية هو من يفرض القوانينrsquo; في إشارة إلى الكتائب العسكرية التي تقف وراءها ومن بينها lsquo;لواء التوحيدrsquo; وrsquo;أحرار الشامrsquo; وrsquo;صقور الشامrsquo; وغيرها.


قرارهذه الهيئة، التي لا ندري بالضبط من نصّبها متحكمة في رقاب الناس ومن أين تستمد شرعيتها بالضبط، لا يمكن أن يكون في أبسط دلالاته الفورية سوى حجة إضافية لكل من يخوّف السوريين والعالم من أي بديل مقبل لنظام الأســد. إذا كان هؤلاء وأمثالهم من الهيئات التي تصف نفسها بالإسلامية والتي انتشرت كالفقاقيع في طول البلاد السورية وعرضها سمحت لنفسها بقرارات كهذه، فضلا عن غيرها من الممارسات المستهجنة الأخرى، والناس تعاني وتكابد في مرحلة إسقاط نظام مستبد ودموي ..ترى ماذا عسى يكون عليه الحال إذا آلت الأمور إلى هؤلاء بالكامل يوما ما ؟!!
القرار التحفة لهذه الهيئة التي تضم أناسا استطابوا مبكرا التدخل في كل تفاصيل حياة الأفراد ونمط المجتمع دون تفويض من أحد ليس هو الأول من نوعه، لا من قِبلها ولا من قبل من هم على شاكلتها. لقد سارعوا من الآن، على سبيل المثال لا غير، إلى استهداف المرأة والتحكم في طريقة لباسها ونوعه وغيره من شؤونها الخاصة حيث lsquo;أفتىrsquo; هؤلاء بــأنه lsquo;يحرم خروج المرأة المسلمة متبرجة بالألبسة الضيقة التي تظهر منها معالم البدن، أو مزينة بالأصباغ على وجههاrsquo; وهي فتوى كما ترون قادرة بلا شك على قلب موازين القوى على الأرض وجعل قوات الأسد تولي الأدبار في انكسار وخيبة!!.


القرار الغريب والعجيب لهذه الهيئة وغيره من lsquo;فتاوىrsquo;، بات هؤلاء يتوقون إليها أكثر من توقهم إلى تخفيف آلام السوريين وخصاصتهم وذلهم وتشردهم وجوعهم ويتمهم وتركهم المدارس وهوانهم على الناس، يجعل نظام الأسد في غنى عن أي اجتهاد خاص لتشويه صورة معارضيه . ليس عليه في الحقيقة أن يفعل أي شيء غير ترك حرية تداول هذه التقارير عن ممارسات هؤلاء دون مبالغة أو تعليق. أما أن يجد السوريون أنفسهم، بعد ثلاث سنوات من التمرد على حكم آل الأسد، بين نظام وحشي لا يرعوي ولا يرحم وبين معارضة مسلحة كل ما تفعله يجعلك تتوقع مستقبلا مرعبا أسود للبلد إن هم حكموه يوما واحدا، فتلك قمة المأساة.
القرار لا تستطيع معه أن تمنع أيا كان من أن يستنتج أن هذا النوع من التيارات الدينية المتشددة وضيقة الأفق كارثة حقيقية على الإسلام والمسلمين سواء كانت في الحكم طبعا أو حتى وهي تسعى إليه. إنهم يكرسون صورة مخيفة ومرعبة عن الإسلام وتعاليمه عبر محاولة فرض نمط مجتمع يقوم على فهمهم المتخلف للدين ، صورة لا تحتاج معها بعض الأوساط في lsquo;الغرب الكافرrsquo; إلى أي جهد للإساءة إلى هذا الدين الحنيف ومعتنقيه.
التفت إلى زميلته في العمل وقال لها : عندما أسمع أن أجنبيا ما اعتنق الإسلام أقول لا يمكن أن يحدث ذلك إلا بهداية من الله عز وجل خصه بها لأن لا شيء في ما يراه المرء حوله الآن من تصرفات هذه الجماعات يغريك أبدا بدخول هذا الدين. فأجابته: أكثر من ذلك، نحن المسلمين ، لو لم نولد وتربينا كذلك، ثم رأينا أمثال هؤلاء لما دخلنا الإسلام أصلا. لا حول ولا قوة إلا بالله!!