أحمد عبد الملك

تُعقد القمة الخليجية الرابعة والثلاثون في دولة الكويت الأسبوع القادم وسط تحولات عديدة على المستوى الخليجي والإقليمي والدولي، قد تفوق ما واجهته القمة الثالثة والثلاثون التي عُقدت في ديسمبر 2012 بمملكة البحرين. وإذا كانت الأحداث العربية قد ساهمت في اختلال التوازنات في العديد من البلدان العربية، فيما عُرف بـlaquo;الربيع العربيraquo;، الذي لم تذق الشعوب laquo;فاكهتهraquo; حتى اليوم، فإن نفسَ المرارة تقف في حَلق laquo;الخليجيraquo; كياناً وإنساناً لكون تلك الأحداث قد أثّرت تأثيراً مباشراً على العلاقات بين دول المجلس، وهذه الحتمية ستكون الأهم في قمة الكويت المقبلة.

ولئن كانت الرؤى الخليجية لن تختلف حول موضوع مكافحة الإرهاب واحتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث، حيث نتوقع أن يكون القرار غير بعيد عن روح توصيات المجلس الوزاري في دورته الـ 128 الذي عقدها في مدينة جدة يوم 10/9/2013، من حيث إدانة كل أشكال العنف والتنديد بها، وفي الجانب السياسي نتوقع أن تكون لهجة laquo;الخليجيraquo; أقلَّ حِدة تجاه إيران بعد أن توصلت مجموعة الـ (5+1) في جنيف إلى اتفاق تُقلل إيران بموجبه تخصيب اليورانيوم بأقل من 5 في المئة خلال فترة ستة أشهر، حيث سيُرحب laquo;الخليجيraquo; بهذا الاتفاق ويدعو إلى أهمية الالتزام بنصوصه والتأكيد على سلمية البرنامج النووي الإيراني. وكان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة قد قام مؤخراً بزيارة لإيران اعتُبرت laquo;فريدةraquo;، قيل إنه حمل رسالة واضحة من laquo;الخليجيraquo;، بعد أن رحّب المجلس الوزاري أثناء اجتماعه بالكويت مؤخراً بالاتفاق الذي توصلت إليه مجموعة الـ(5+1) حول برنامج إيران النووي ndash; الذي اعُتبر انتصاراً مهماً لأوباما ndash; علماً بأن الاتفاق مرحلي لستة أشهر، ثم تُجرى مراجعة شاملة للإجراءات الإيرانية فيما يتعلق بذات الموضوع.

لقد ردّت إيران على التفاؤل الدولي باتفاق جنيف بإعلانها يوم 1/12/2013 عزمَها بناء محطة نووية laquo;مدنيةraquo; ثانية في (بوشهر) اعتباراً من العام 2014 ، معلوم أن (الخليجي) كان laquo;يتوجسraquo; كثيراً من المفاعل الأول نظراً لقُربه من أربع عواصم خليجية، على الرغم من إعلان المسؤولين الإيرانيين بأنهم بحاجة إلى تخصيب اليورانيوم لتزويد الوقود اللازم لمحطاتهم، حيث إن الحاجة ماسة إلى إنتاج 20 ألف ميجاواط من الكهرباء النووية على المدى الطويل. وهذا الرد قد يضاعف laquo;التوجسraquo; لدى laquo;الخليجيraquo;، وربما لا يساهم في إعادة الثقة. وكان واقع زيارة وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة لإيران، ركز على حرص دول المجلس على إقامة علاقات جوار ترتكز على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل المشكلات العالقة بين الطرفين عن طريق الحوار، بما يحفظ أمن وسلامة كل دول المنطقة.

لن يخلو بيان القمة من الإعراب عن الأمل في توثيق علاقات إيران مع دول المجلس على أسس ومبادئ حُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دول المنطقة.

هنالك إشكالات خلافية تواجه laquo;الخليجيraquo; هذه الأيام في ما يتعلق بالملف السوري والملف المصري على وجه الخصوص. أما بقية الملفات: الفلسطيني والعراقي واليمني واللبناني، فلن تخرج نصوص laquo;الخليجيraquo; عن سابقاتها، ذلك أن laquo;المزاج الخليجيraquo; يبدو غير مرتاح، والرؤى غير متوافقة فيما يتعلق بالملفين laquo;السوري والمصريraquo;، حيث سبقت القمة مبادرات لمحاولة رأب الصدع في علاقات دول المجلس، وlaquo;تصفية النفوسraquo; قبل عقد القمة. وهذا موضوع قد يبدو شائكاً بعض الشيء، إلا أن حكمة قادة دول المجلس ستتغلب على كل laquo;الأشواكraquo;، ولن يحدث ما يمكن أن يؤثر على المسيرة الخليجية التي اعتُبرت من أهم وأنجح مشاريع الاتحادات في العالم العربي.

لربما تكون هنالك إشارة إلى موضوع laquo;الاتحاد الخليجيraquo; الذي طرحهُ العاهل السعودي العام الماضي، ولكن يبدو أن الظروف الطارئة على الطاولة الخليجية لن تفتح laquo;الشهيةraquo; لإعادة طرح الموضوع رغم أهميته، خصوصاً وأن سلطنة عُمان قد أبدت رأيها في laquo;الاتحادraquo;، كما أن بعض الدول لم تبد ذات الحماس لـ laquo;الاتحادraquo;، الذي تبديه دول أخرى، وهذا يجعلنا أن نُصنّف هذا laquo;الاتحادraquo; تحت باب المسائل الخلافية التي تستحق التأجيل.

الجديد في قمة الكويت ما زال غير معلوم، لكن المؤكد أن laquo;تصفية النفوسraquo; من أولويات هذه القمة التي سيرأسها عميد الدبلوماسية العربية سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت بحنكته السياسية وقدرته على إدارة دفة القمة نحو بر الأمان، وإعادة laquo;البريقraquo; للخليجي كما كان سابقاً.