عبد الغفار حسين

quot;سنتابع وضع تجاربنا في خدمة أشقائنا وجيراننا لأن تطورهم يكمل تطورناquot; .


محمد بن راشد - في كتابه quot;رؤيتيquot;


لم أسمع عن الخلوات الوزارية عند الآخرين، أي في بلدان أخرى، وأكثر الظن أنها من مبتكرات الشيخ محمد بن راشد حفظه الله الذي يرينا الجديد بصفة مستمرة فكراً وعملاً ومبادرات . . ومن يقرأ كتب الشيخ محمد وأحاديث الشيخ محمد في مجالسه الخاصة والعامة، فإنه يتوقع أن يجد الجديد والمبتكر عند هذا القائد الديناميكي ورجل الدولة .
كذلك لم أسمع بقائد في منزلة الشيخ محمد ومع كثرة انشغاله بقضاء حوائج الدولة في صبحه ومسائه، أن يقول للناس ويضع إعلانات في الصحف يدعو جمهور الناس إلى مشاركته في طرح الأفكار وإرسال ما يعنّ لهم من رأي إليه رأساً وعلى مواقع التواصل الإلكتروني المعروفة لكل الناس صغيرهم وكبيرهم في الإمارات وخارج الإمارات .
والحقيقة أنني حين قرأت هذا الإعلان الفريد الذي لم أقرأ مثله في مسيرة أي قائد، غامرني شعور بالارتياح والطمأنينة، أننا في هذه البلاد بخير، وأننا سائرون أيضاً في طريق يوجد الخير الكثير على جوانبه وأرصفته .
ومن حسنات ما ينتج عن هذه الأفكار الريادية التي يتبناها الشيخ محمد بن راشد بصفة مستمرة، أن الهمم في التقليد والاتباع تُستفز من قبل الآخرين الذين يريدون أن يسيروا على منوال محمد بن راشد في تقديم الخدمات المتميزة لمجتمعاتهم، ولسنا مبالغين لو قلنا إن انعكاس هذه الأفكار الريادية بادٍ في كل مناطق الخليج العربية التي يسعى أهلها لمتابعة هذه الخطى، خطى العمل من أجل الأفضل التي يضعها ويبتكرها محمد بن راشد، وفي الوقت نفسه يجد الإنسان السرور على وجه هذا الزعيم والشخصية الكبيرة عندما يسمع أن خطته في مشروع معين قد اتبُّعت هنا أو هناك، وهذا دليل على ما يتمتع به الشيخ محمد بن راشد من نفسية عالية في الخلق القويم، ويقول الشيخ محمد بن راشد في بيت جميل من الشعر، منوهاً بأن العزّ له دربان، درب المبتدع ودرب المقلد أو التابع، والذي يحويهما معاً يصل إلى درجة من الرفعة .
والعز له دربين بادع وتابع
واللي حوى الأثنين صار رفيع


* الخلوة الوزارية:


ومن التجارب التي مررنا بها نحن المتابعين للحركة النهضوية في هذه البلاد منذ الأيام الأولى لتكوين التجمع الاتحادي، أن القائد الذي يريد أن يعرف دقائق ما يحدث حول قيادته، عليه أن يكون على اتصال وثيق بفريق العمل في قيادته، ولن يتسنى هذا الاتصال إلا في ساعات من الاسترخاء الجسدي والذهني، بعيداً عن موقع الإدارة وزحمة العمل، وقد تعلمنا ذلك من قائدين كبيرين كانا على رأس مؤسسي هذه الدولة، هما المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد، اللذين كانا على احتكاك واتصال بكل فرقاء العمل في ساعات الليل والنهار وفي الحل والترحال .
دعوة الشيخ محمد بن راشد للناس، أن هلموا للمشاركة، أي تعالوا إلينا، دعوة في غاية النبل والبعد السياسي، لاسيما أن الدعوة تنصبّ بالدرجة الأولى على قطاعي الصحة والتعليم وهما أساس ما تبرزه أية دولة من عمل حضاري نهضوي لخدمة المجتمع والناس، وأي استرخاء في عمل هذين القطاعين وخاصة التعليم فإن ذلك يشير إلى وجود خلل .
وعدم إشارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، إلى هذين القطاعين بالاسم، دليل على أن هذين القطاعين في حاجة إلى المفردة اللغوية التي استعملها سموه وهي العصف الذهني للتطوير، ودليل أيضاً على أن الشيخ محمد بن راشد يدرك إدراكاً كاملاً أن القطاعين المشار إليهما في حاجة ماسة إلى التغيير والتطوير، قبل استفحال الخلل . .
كلنا في هذه البلاد مدعوون وخاصة أهل القلم، والواعين والمثقفين أن نشد من أزر الشيخ محمد بن راشد والقيادة الإماراتية كلها، ونشد على أيديهما، ونبارك خطوات التطوير من أجل غد أفضل لنا ولمن يأتي بعدنا من الأبناء والأحفاد، وليس من المعيب أن يقع الخلل والنقص في أي قطاع، ولكن المعيب هو التقاعس عن إصلاح الخلل، ومثل هذا التقاعس بعيد عن همة محمد بن راشد .