rlm; محمد مجاهد الزيات

تنعقد القمة الخليجية الرابعة والثلاثون اليوم في الكويت في ظل تحديات غير مسبوقة تواجهها منطقة الشرق الاوسط بصفة عامةrlm;,rlm; ومنطقة الخليج بصفة خاصةrlm;,rlm; كما تنعقد وسط بوادر خلاف متصاعدة كشفت عنها تصريحات وزيري الدولة للشئون الخارجية في كل من السعودية وسلطنة عمانrlm;.rlm;

فقد أوضح الوزير السعودي السيد نزار بن عبيد المدني علي هامش منتدي الأمن الإقليمي التاسع الذي عقد في المنامة عاصمة البحرين بداية هذا الأسبوع, أن انتقال دول مجلس التعاون الخليجي الست من مرحلة التعاون إلي مرحلة الاتحاد بات ضرورة ملحة, وأشار إلي أن دول المجلس شهدت في الفترة الأخيرة ارتفاعا في مستوي التهديدات التي تتعرض لها المنطقة وتمس أمنها القومي متفردة ومجتمعة. وهو ما يعد حافزا لدول المجلس لتبني صيغ جديدة لمواجهة هذه التهديدات وأن انتقال دول المجلس إلي مرحلة التعامل والوحدة لم يعد ترفا, وقد فوجئ المشاركون في هذا المنتدي بتصريحات صحفية للسيد يوسف بن علوي وزير الدولة للشئون الخارجية العماني أكد فيها أن لبلاده تحفظات سياسية واقتصادية وعسكرية علي قيام الاتحاد, وأوضح أكثر من ذلك رفض بلاده تطوير القوات العسكرية للمجلس( قوات درع الجزيرة) مؤكدا أن المنطقة ليست في حالة حرب ولاشك أن المراقبين للشأن الخليجي يدركون منذ فترة طبيعة الخلافات القائمة داخل كيان مجلس التعاون الخليجي, خاصة المواقف المنفردة لكل من قطر وسلطنة عمان, إلا أن موقف سلطنة عمان وبهذه الصورة العلنية يكشف عن عمق الخلافات التي يمكن أن تهدد ليس فقط خطط تطوير عمل مجلس التعاون, لكنها تهدد كذلك تماسك المجلس كمنظمة جامعة للعمل الخليجي.
وقد جاء التوجه لتحويل مجلس التعاون إلي اتحاد خليجي بضم الدول الست من خلال مبادرة للعاهل السعودي الملك عبد العزيز بن عبد الله عام2011, وارتكزت تلك المبادرة علي حاجة دول الخليج لزيادة فاعلية عمل مجلس التعاون الخليجي لمواجهة المخاطر التي تهدد أمنها القومي خاصة عقب أحداث البحرين والتدخلات الإيرانية التي رافقتها وتوجهات دول العالم لصياغة كيانات للعمل الجماعي السياسي والاقتصادي والأمني وكانت هذه المبادرة بندا ثابتا علي جدول أعمال القمم الخليجية التالية وحدثت ولا تزال مشاورات بين دول المجلس بخصوصها, ولم يحسم الأمر بعد وكان متوقعا أن تكون القمة الخليجية الحالية في الكويت موعدا للسير خطوات في هذا المجال.
وفي الحقيقة فان الموقف العماني, لم يكن مفاجئا للمهتمين بالشأن الخليجي, فقد رفضت السلطة تطوير قوات درع الجزيرة, أو تحقيق مزيد من التنسيق العسكري بين القوات المسلحة لدول المجلس علي اعتبار تقديرها أن هذا التنسيق أو تلك القوات يمكن أن تستنفر إيران وتزيد من هذه التوترات في المنطقة, كما أن للسلطة تحفظات علي تحقيق تقدم أكبر في مجال تحقيق الوحدة الاقتصادية وخاصة الاتحاد الجمركي العملة الخليجية الموحدة فضلا عن انفرادها بمواقف سياسية تجاه العديد من قضايا المنطقة لا تهتم خلالها بالتنسيق أو مراعاة مواقف دول الخليج الأخري. ولعل الفترة الأخيرة قد شهدت مزيدا من الحساسية بين سلطنة عمان وباقي دول المجلس عندما احتضنت عمان مباحثات سرية بين وفد أمريكي ووفد إيراني عقدا سبعة اجتماعات سرية وشارك في بعضها وفد بريطاني, وهي المباحثات التي مهدت لاتفاق جنيف بين ايران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن, ويري المراقبون أن تلك المحادثات تناولت قضايا وموضوعات غير نووية كذلك وبعضها يتعلق بكيفية دمج ايران في النظام الإقليمي والترتيبات الأمنية التي تشارك فيها ومرجع الحساسية هنا أنه رغم أن هذه القضايا والموضوعات تمس الأمن في الخليج والأمن القومي لدوله إلا أن السلطنة لم تحط هذه الدول بحدوث هذه المباحثات التي جرت علي أراضيها.
الموقف العماني علي هذا النمو يشير إلي أن قضية تحويل مجلس التعاون الخليجي إلي اتحاد ستواجه صعوبات عند مناقشتها في القمة الخليجية الحالية, وأن عمان سوف تكون عائقا كبيرا في وجه تحقيق ذلك, ومن المثير هنا أن الموقف العماني علي هذا النحو يبدو متفهما للطرح الإيراني بخصوص المقصود بالأمن في الخليج والترتيبات الأمنية الجماعية لتحقيق ذلك حيث توافق هذا الموقف الرافض لتطوير مجلس التعاون الخليجي أو زيادة فاعليته وتماسكه مع تصريحات للرئيس السابق للعلاقات الخارجية بالمجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني وأحد الشخصيات المقربة من الرئيس الإيراني روحاني, أن مجلس التعاون الخليجي نظام فاشل ودعا لتكوين مجلس بديل يضم كذلك إيران والعراق الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الموقف العماني ومدي التوافق مع التوجهات الإيرانية بهذا الخصوص,الموقف العماني علي النحو السابق يشير إلي توجه للحيلولة دون تطور مجلس التعاون الخليجي كمنظمة لها فاعلية في الإقليم أو الخروج منه والعمل المنفرد, وهو مايمكن أن يهز إحدي صيغ التعاون الناجحة في المنطقة العربية ويسمح باختراق واضح لإيران في هذه الدائرة. لقد بذلت الكويت جهودا مكثفة خلال الاسابيع الاخيرة لاستيعاب الخلافات بين دول المجلس لضمان نجاح القمة, لكن يبدو أن الموقف العماني قد استعصي علي الاستيعاب.
كان من المتصور عقب التقارب الإيراني مع دول الغرب أن تزداد أواصر التماسك الخليجي لمواجهة الواقع الإقليمي الجديد والتعامل مع السياسة الإيرانية التي ستحظي بنوع من الشرعية والقبول افتقدته لسنوات طويلةـ, ونري أن أهم دوائر هذه الحركة هي منطقة الخليج بصفة أساسية, أن الاتفاق النووي الإيراني الأخير رغم أنه مرحلي ولمدة ستة أشهر إلا أنه يفتح الباب أمام الحضور الإقليمي لإيران ويثير الشكوك حول صفقات بين إيران والولايات المتحدة, ربما تكون في جانب منها علي حساب دول الخليج وهو ما يعني في النهاية تغييرا جيوسياسيا جديدا في المنطقة يفرض علي مجلس التعاون الخليجي دعم تماسكه وهو مايعكس حجم الأزمة التي تواجهها القمة الخليجية الحالية في الكويت.