فاتح عبدالسلام


الفشل السياسي ومن ثم الأمني والحياتي العام في العراق ليس صنيعة الأمريكان الذين انتهى دورهم العملياتي على نحو يثير الإستغراب للوهلة الأولى، كما يروج بعض السياسيين الذين كانوا يبوسون الحذاء الأمريكي في الخفاء ويظهرون كأصحاب منجزات وطنية في العلن. ليس ثمة شيء مخفي ومَن يتحدى هذه الحقيقة سوف تدهمه في خلال الأيام االمقبلة وثائق سيقال إنها من تسريبات فلان أو علان في هذه العاصمة الدولية أو تلك، لكنها لا تترك لأحد عورة مستورة. وهي أوراق مرحلة منتظرة لكن يبدو أنه لم يحن وقتها.


حتى هذه الساعة لم تكشف واشنطن التي حكمت العراق ثماني سنوات ورقةً وسخةً واحدة ًمن المخاض السياسي القذر الذي يطمس فيه العراق اليوم حيث لاتزال تطفو على السطح طحالب وأشنات وخيسات بما يجعل المشهد العام على مساحة هائلة من النتانة جعلت الدول العربية تنعزل بنفسها عما يحدث بالعراق وكأن أية روابط قطعت بينهم إلا رابطة النفط التي تشتغل أكثر من رابطة الدم عند بعض العرب، وهذاالتريث أو الغموض أو الصمت الأمريكي، سمه ماشئت، ليس أمراً عفوياً وهم يملكون تسجيلات وشهادات ووثائق واعترافات يستطيعون من خلالها أن يجعلوا الأبيض أسود في لمح البصر.
لا سر في الوضع كله ،غير أن سلة المصالح لاتزال هي السائدة وتتمتع بصيانة عراقية لم تتأثر بالنفوذ الإيراني برغم كل ما يقال لسببين الأول هو الولاء المزدوج ومعرفة سكنة المنطقة الخضراء بمعنى القوة الأمريكية، ربما النفسية أحياناً في ظل الخواء الوطني الذي تتوافر عليه تجاويف السياسيين العراقيين من سكنة تلك المنطقة الخضراء تحديدا.


والسبب الثاني هو أن الأمر الإيراني لم يصدرحتى الآن بشأن فتح مواجهة خارج السياقات المسيطر عليها أو بلا ضوابط مع الأمريكان على الأرض العراقية، حيث ملف النووي الإيراني والعقوبات الدولية لايزال على الطاولة من دون حسم نهائي برغم الجهود الجبارة التي يبذلها الرئيس الأمريكي شخصياً في إقناع الكونغرس بفك قيود العقوبات عن إيران واطلاق يدها في حصصها من تصدير النفط والوصول الى أموالها المجمدة.
السؤال المهم الذي يحير عقول سكنة المنطقة الخضراء القاصرة هو كيف سيكون الشكل الجديد للظهور الأمريكي في العراق حفاظاً على مصالح واشنطن بما يتناسب مع دور قد لاتضطلع به كاملا الآن لكنها لم تتخل عنه أيضاً.
مؤشرات سلبية كثيرة وقعت بيد حكام المنطقة الخضراء بعد زيارة واشنطن الأخيرة رفعت من أسهم الخيار الإيراني العالية أساساً ، لكن على حسب مصادر دبلوماسية فإن الحذر الكبير هو في طهران هذه المرة وليس في بغداد.