ناصر العيدان

الخليج صامت، اسرائيل تقول انه خطأ أميركي تاريخي.. وأميركا تطمئن اصدقاءها بأن الاتفاق لن يضر بمصالحهم وأمنهم الإستراتيجي، والقلوب متوجسة عن مدى التزام الامريكان في أمن الخليج بعد اتفاقها ومغازلتها لإيران. فكنوز بلاد فارس تلمع نفطاً في عيون الأمريكان، وإيران تملك من النفط أكثر من الكويت وبعض دول الخليج، وأميركا من المنطقي جداً انها تستهدف هذه الطاقة، لكن على أميركا أن تعرف ان برميل النفط الايراني يقابله تنازلات سياسية واقليمية وهو أغلى بكثير.. من برميل النفط الخليجي.


وربما كان على طاولة الخارجية الأميركية مشروع laquo;مراضاةraquo; الخليج بالتواصل مع مصر، مقابل ألا تعترض هذه الدول على تواصل أميركا مع ايران، فأميركا تتعامل مع العالم بحسب قدراتها وبمعادلة أفضل المكاسب وأقل الخسائر، ويبدو ان مصر لا تشكل لها مكسباً بل laquo;بئرraquo; مساعدات، ولتتكفل بها دول غيرها لديها سيولة كالخليج، وتتفرغ هي للدول laquo;المتفرعنةraquo; كإيران. لكن المعادلة ليست مجرد مساعدات، فمصر تمتلك جيشاً يعتلي المركز الرابع عشر عالميا، ويعتبر اعظم جيش في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، إذاً المعادلة المصرية وان كان بها طرف سالب وهو laquo;المساعداتraquo; فإن بها طرفاً موجبا وهو laquo;القوة العسكريةraquo;.. وهذا ما تحتاجه دول الخليج على المدى البعيد.
فإن شدت دول الخليج الحزام، ودمجت قواتها الى قوات مصر العسكرية، فنحن إما قوة عسكرية تتعدى قوة ايران بدرجات، فقوة ايران الجوية مثلاً - برغم الحظر الدولي- تتكون من 2600 طائرة مقاتلة، بينما دول الخليج مجتمعة بالإضافة إلى مصر لديها ما يقارب 3200 طائرة مقاتلة. لذلك فإن الحديث عن توازن عسكري خليجي - إيراني حديث غير واقعي وغير صحيح، لا عددا ولا عتاداً. وفي المستقبل ان قررت القوى العظمى رفع حظرها عن إيران، وتركتها تسرح وتمرح دون ان تضع ثقلها في الخليج من باب فرض الاتزان في المنطقة، فستكون الكفة إيرانية في المنطقة بامتياز، وهذا يعتبر laquo;خنقاraquo; رسميا لدول الخليج!
الحاجة الى الصقر المصري في منطقة الخليج يعتبر البديل العربي العسكري laquo;الذاتيraquo; الناجح في غياب تغطية أميركية لأمن الخليج، فالولايات المتحدة تنظر لمصالحها قبل مصالح دول مجلس التعاون، وربما يكون تبني قواعد عسكرية مصرية في دول الخليج، على غرار الأميركية، فكرة مقبولة ان استمرت الدول العظمى في قبول إيران كحليف قابل للتوسع النووي والاقليمي. العداء الخليجي - الإيراني للأسف ليس عداء مصلحيا حتى ينتهي بتقسيم الثروات فقط، وان كانت هي الأساس بنظري، بل هو عداء عقائدي ديني توسعي متجدد من الطرفين، لا يُراد له ان ينتهي.. ولا تريد أميركا أن تفهم ذلك!