لواءrlm;/rlm; محمد الغباشي

إن ثورةrlm;30rlm; يونيو في مصر والخارجية الروسية والإيرانية نجحت في الاطاحة بالنفوذ الأمريكي الذي يودع الشرق الأوسطrlm;.rlm;

فالاتفاق النووي الايراني بعد سنوات من الصراع يدل اولا علي الصفعة الروسية الثالثة للولايات المتحدة بعد تقويض القدرة الأمريكية علي توجيه الضربة العسكرية إلي سوريا ثم ارغام الادارة الأمريكية علي قبول المبادرة البولندية بالمباركة الروسية لتفكيك السلاح الكيميائي السوري.


وهذا يدل علي عودة الدب الروسي لمكانته القديمة وإثبات قدرته علي إحراز نجاحات متوالية تخصم من الرصيد الأمريكي وتعمل علي تآكل نفوذها في الشرق الاوسط. ومن جانب آخر يدل علي ضعف الادارة الأمريكية وعدم قدرتها علي مجابهة تغيرات الواقع الدولي وظهور الأطراف الجديدة الفاعلة في المجتمع الدولي التي اصبحت أقطابا قادرة علي ادارة دفة السياسة العالمية وفقا لمصالحها, وعلي رأس هذه الاقطاب روسيا والصين. وثانيا يدل أيضا علي قوة الموقف الإيراني وقدرته علي فرض قراره علي المجتمع الدولي. وثالثا يدل علي تفكك التوازنات الأمريكية القائمة علي محور الهلال السني مقابل محور المثلث الشيعي حيث إن هذا الاتفاق تم في اطار توتر العلاقات العربية الأمريكية مع مصر من جانب علي خلفية ثورة30 يونيو التي مزقت الأجندة الأمريكية في المنطقة ومع الخليج من جانب آخر علي خلفية التراجع عن الضربة العسكرية علي سوريا والتسامح الأمريكي مع الموقف الإيراني الذي سبق الاتفاق.
أن التقارب الشيعي الأمريكي في مقابل التنافر السني الأمريكي هو عقاب امريكي للخليج السني وسيكون لالتهاب الموقف تداعيات علي التوازن الاستراتيجي في المنطقة وسينعكس سلبيا علي النفوذ الأمريكي حيث إن السعودية والامارات اعلنتا تمويل الأسلحة الروسية التي تتعاقد عليها مصر اضافة إلي ذلك التقارب المصري الروسي يقلب توازنات المنطقة رأسا علي عقب علي اعتبار ثقل مصر الاقليمي, وبالتالي العلاقات الخليجية الروسية في تقارب علي عكس العلاقات الخليجية الأمريكية, وقد حدث تطور غير مسبوق. ونخلص الي ان هناك تقاطعات حيوية بين مصر وإيران من جانب وبين الخليج وإيران من جانب آخر والتسويات السياسية متاحة مهما تعقدت الأمور ولكن العقدة الكبيرة هي توافر الارادة السياسية.


الاتفاق النووي والزيارة الإيرانية لدول الخليج تحدث في سياق زمني يشهد اعادة تركيب مكونات المنطقة وشبكة المصالح مما يعكس دلالات عميقة ويجعل القدرة علي تشكيل خريطة عربية إسلامية اقليمية جديدة علي نحو يحقق مصالحها امرا متاحا مهما بلغت التعقيدات, فالعلاقات الخليجية الأمريكية في توتر في حين اعلنت السعودية والامارات تمويل صفقة السلاح المصرية الروسية, وبالتالي هناك محور جديد مازال قيد التشكيل والادارة السياسية الحكيمة من الاطراف المتنافرة هي فقط التي تستطيع التقاط تلك المتغيرات وتوجيهها وهي تملك أيضا اجهاض ذلك الجنين المتمخض عن تغير الواقع الدولي. وهناك وجهتا نظر الأولي تري أن مصر يجب الا ترتبط بعلاقات دولية جديدة قبل انهاء المرحلة الانتقالية تفاديا لاضطرابات خارجية قد تؤثر سلبا علي علاقاتها القديمة, ولكني اميل إلي الوجهة الأخري وهي ضلوع مصر في دور اقليمي خاصة في هذا التوقيت الذي تتفكك فيه خريطة العلاقات القديمة وتتشكل فيه أخري جديدة حتي تكون فاعلة في ادارة الاحداث وبناء المحاور وفقا لمصلحتها اعتمادا علي ثورة الشعب المصري في30 يونيو الذي ساهم في تفكيك واعادة بناء الخريطة الدولية.
هذا الدور يأتي عبر الأزمة السورية حيث إنها المعمل الذي يعاد من خلاله تركيب المعادلة الدولية وهي مركز تفاعلات المنطقة وأتصور أن هناك من المتغيرات مايساعد مصر علي ايجاد الصيغة الملائمة لها للعمل علي تحريك دفة الاحداث وفق مصلحتها, فالعلاقات الخليجية الأمريكية في توتر والخليج ابدي مرونة وتحيزا كبيرا لمصر بعد ثورة30 يونيو بما تتضمنه من التوجهات الجديدة للخارجية المصرية والتقارب مع روسيا ذات العلاقات الممتازة مع سوريا وإيران ومن جانب آخر العلاقات الخليجية الإيرانية يبدو عليها علامات الانفراجة مثل هذا المناخ الوليد يمكن أن يتمخض عنه تسويات يمكن أن يبني عليها شبكة جديدة من العلاقات الدولية تعصف بما تبقي من النفوذ الأمريكي في المنطقة وأتصور الدفع بمزيد من التقارب الخليجي الروسي وفي هذا المناخ تتبني مصر مبادرة لترميم العلاقات الخليجية الإيرانية تبني علي نتائج الزيارات الإيرانية للخليج والتقريب بين وجهات النظر المتنافرة وصولا إلي تسويات مرضية بين الجانبين مع ملاحظة أن رعاية المصالح الخليجية هي جزء لا يتجزأ من المصالح المصرية والأمن القومي المصري والخليجي في حالة اعتمادية متبادلة.
وبالتالي فتقريب وجهات النظر الخليجية الإيرانية هو من محددات العلاقات المصرية الإيرانية ولكن الأمر ليس سهلا فهناك اكثر من تحد علي اكثر من مستوي ولكن ما أعلنه الخليج تعليقا علي زيارة وزير الخارجية الإيرانية يمكن أن تبني عليه مصر استراتيجيتها في تقريب وجهات النظر بين الجانبين. فالتحدي الأول هو الازمة السورية ويمكن التوصل إلي صيغة مرضية هي التنازل عن شخص الرئيس بشار الأسد والدفع برئيس من نفس النظام يحافظ علي التوازنات القديمة ومكونات الدولة السورية ويحظي بالرضا الروسي الإيراني من جانب والخليج من جانب آخر.
والتحدي الثاني هو المكون الطائفي كرقم صعب في المعادلة الخليجية الإيرانية وقد ابدي الخليج رغبته في تنحية إيران هذا المكون من العلاقات الدولية ويمكن التوصل إلي صيغة مرضية فإيران لديها المناطق التي يمكن أن تستوعب تمددها الشيعي بعيدا عن الخليج وخاصة بمناطق الشمال والشرق السوري والوسط والشمال العراقي000 والجنوب اللبناني.
التحدي الثالث هو تدخل إيران في الشأن الداخلي الخليجي ويمكن التوصل إلي صيغة مرضية وهي مرتبطة بالتحديين السابقين. وهي عندما تطمئن إيران علي مصالحها في سوريا ومناطق النفوذ الشيعي سترفع يدها عن الشأن الخليجي تماما وسوف تستفيد ايران من ذلك, علاوة علي الحفاظ علي مصالحها في سوريا ومناطق نفوذها ستتخفف كثيرا من اعباء التوتر الاقليمي, سواء مع مصر أو مع الخليج مما يجعلها اكثر قدرة علي المناورة بشأن برنامجها النووي واكثر قدرة علي التعاطي مع قرارات مجلس الأمن.
بناء علاقات تكاملية اقتصادية مع الخليج يتوافر لها مقومات أن تصبح احد الاقتصاديات الواعدة الناشئة حيث إن الاحتياج الخليجي أمنيا يلزمه حاضنة اقتصادية وقوة عسكرية مصرية فالخليج المهدد من إيران والولايات المتحدة يتجاوب مع مصر كاكبر قوة عسكرية في الشرق العربي. وفي النهاية أري ان المشهد مبشر لتعاون مصري خليجي يسهم في انشاء اقتصاد قوي ومنظومة عسكرية امنية تحرس مصر والخليج.