سعد بن طفلة العجمي

عقدت بالكويت الأسبوع الماضي القمة الرابعة والثلاثون لقادة دول مجلس التعاون الخليجي، وهي القمة التي يمكن أن تسمى قمة quot;ضمان استمرار وبقاء مجلس التعاونquot;، ذلك أن بعض المراقبين حاول قراءة نتائج القمة قبل انعقادها في ضوء الاختلاف بين المملكة العربية السعودية وعمان قراءتين مختلفتين:

قراءة متشائمة رأت بتصريحات وزير خارجية عمان إعلانا مبكرا بخروج سلطنة عمان من المنظومة الخليجية، فقد صرح السيد يوسف العلوي وزير الخارجية العماني بأن عمان لن تنضم للاتحاد ولكنها لن تقف ضده. ولا تخلو قراءة هذا الفريق من التمني، فقد كان بعضهم ndash; وعلى رأسهم إيران وأنصارها- يرى أن الاختلاف العماني السعودي سينهي منظومة مجلس التعاون ويصبح في خبر كان.

لكن فريقا تفهم الموقف العماني على أنه اعتراض على توقيت الاتحاد وطريقته، وليس على الاتحاد من حيث المبدأ، ذلك أن ديباجة النظام الأساسي لإنشاء مجلس التعاون تنص صراحة على أن الهدف النهائي لإنشاء المجلس هو بالوحدة، حيث ورد: quot;رغبة في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين واقتناعا بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية .

واستكمالا لما بدأته من جهود في مختلف المجالات الحيوية التي تهم شعوبها وتحقق طموحاتها نحو مستقبل أفضل وصولا الى وحدة دولهاquot;. ومعروف أن عمان من أشد الدول الأعضاء التزاما بنتفيذ قرارات القمم الخليجية واجتماعاتها الوزارية، بل إنها كانت صاحبة فكرة إنشاء جيش خليجي موحد بعد احتلال الكويت، وهي الفكرة التي لم تأخذ حقها من النقاش- مع الأسف الشديد.

واضح أن التعاون والتكامل بين دول المجلس وصولا إلى الوحدة لم تتحققا بعد، وذلك ليس من وجهة نظر العمانيين وحدهم، ولكن من وجهة نظر آخرين بينهم الدولة المضيفة أيضا، حيث صرح رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح أن الوحدة بحاجة للتأني ومزيد من الدراسة، وهو الموقف الذي أبدت المملكة العربية السعودية تفهما له ولم يتفجر خلاف حول موضوع الوحدة- كما تمنى أعداء المجلس- كما أنها لم تمت كفكرة بل قررت القمة الاستمرار في دراستها وتهيئة الأجواء لتحقيقها.

من البديهي القول إن الوحدة الكونفدرالية الخليجية مسألة مصيرية لدول المنطقة وحلم تتطلع له شعوبها، ولكن من الأهمية المصارحة بأن التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس ليس في أحسن الأحوال، وهو تعاون وتكامل لا فائدة ولا جدوى للوحدة إن لم يتحققا. مطلوب خلق آليات لتفعيل قرارات القمم وتنفيذ مقرراتها، وإلا فإننا سنشهد قمة خليجية قادمة هدفها المحافظة على مجلس التعاون وحسب.

نجحت القمة الخليجية الأخيرة بالحفاظ على مجلس التعاون من التفكك، وذلك بفضل الصراحة العمانية وحكمة الكويت-الدولة المضيفة- وتفهم باقي الدول الأعضاء وشعورهم جميعا بالمسؤولية، ولا نتوقع أكثر من ذلك بالقمم القادمة ما لم يكن هناك تفعيل حقيقي وآلية تنفيذية ومحاسبة ومتابعة لمقررات القمم واجتماعاتها الوزارية التي بقيت حبيسة أدراج التعطيل وغياب التنفيذ.