فاتح عبدالسلام


بعد كل الذي صنعته وزرعته وتاجرت فيه وراهنت عليه إيران في العراق نجد بسهولة بالغة أن يتم تصفية مجموعة من المهندسين الإيرانيين في قطاع مد خطوط الغاز المستورد من إيران. ثم بيعد يوم يقوم أخرون بنسف بناية مدرسة لمقاول إيراني في الناصرية بجنوب العراق, ويتبع ذلك تفجيرات متتابعة ضد سيارات لزوار إيرانيين. ونرى طهران على لسان رئيسها حسن روحاني تطلب الأمن لزوارها وعامليها وشركاتها والمقيمين من الحكومة العراقية الحائرة بأمن العراق أصلاً.
ما الذي حصل فعلاً ؟ وما الذي كان يفعله فيلق القدس وزيارات قائده الجنرال قاسم سليماني؟ وأين ذهبت مجموعة علاقاته ومزروعاته وامكاناته وعملائه في داخل الحكومة وخارجها؟.
هكذا من دون مقدمات ظاهرة وعلى حين غرة تبدو إيران في داخل العراق مكشوفة، أصغر بكثير من الهالة التقليدية التي تحيط نفسها بها من مضيق هرمز حتى مزارع شبعا. لا أحد يستطيع حماية إيران ولن تحصل على قدر معقول من الأمان من ثلة الأحزاب الموالية لها في بغداد برغم ما قدمته هي لهم من دعم لا يحلمون به في الوصول الى مراكز القيادات الأمنية والعسكرية والوزارية.
ما يجري هو دليل بسيط قد لايرى بالعين المجردة في أن بلداً لن يستطيع أن يحكم بلداً آخر مهما بلغت درجة النفوذ والتغلغل. إيران لها أيدٍ معروفة ومجهولة في العراق وتستطيع أن تضرب هنا وهناك أي طرف أو جهة أو حزب من دون أي دليل ضدها ، فالحدود طويلة ومفتوحة والقلوب سواق مثلها، و لأن أدواتها لا تزال تسمى عراقية.
لكن أطرافاً عراقية أخرى تحت مسميات سياسية أو إرهابية أو طائفية كما يصفها الوصاف الحكومي الأكبر في المنطقة الخضراء، تستطيع أن تضرب مصالح إيرانية من دون عناء كبير في ظل وضع أمني متقهقر يوماً بعد آخر.
سنوات طويلة ضاعت من دون أن تقوم علاقة صحيحة بين العراق وإيران، بما يليق بين بلدين لهما سيادتان وليس علاقة التبعية الباطنة بحجة تبعية جزئية دينية أو مذهبية.
هناك كثيرون تصرفوا على أساس أن العراق وإيران أصبح عملياً بلداً واحداً بغض النظر عن شكليات الأعلام والنشيد الوطني ونوع العملة , ذلك أن أهم ملفين لايزالان عالقين من دون حل ولن يكون لهما حل ، الأول ترسيم الحدود والثاني على صلة بالأول وهو الثروات النفطية في ما يسمى فجأة بالحقول المشتركة في جنوب العراق.
ستعي إيران يوماً ربما يكون قريباً، أن العراق الذي حصدت فيه نتائج سهلة وسريعة ، ليس أكثر من مستنقع يجب أن تسحب نفسها منه، وهي لن تفعل طبعاً وإنما ستزيد ضخ المزيد من النفوذ بما سيضر بمصالحها الإستراتيجية على المدى المتوسط.