واشنطن

استياء من مراقبة بيانات هواتف الأميركيين، وخطر تفاقم الأزمة السورية، ودعوة لحشد الدعم لإغاثة اللاجئين السوريين، ومؤتمر المساعدات المقبل فرصة جدية كي يثبت الأميركيون تعاطفهم مع ضحايا الأزمة السورية، وتراجع شعبية أوباما...موضوعات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.

عملية غير دستورية

تحت عنوان laquo;توبيخ قوي للمراقبة الضخمة للبيانات الهاتفيةraquo;، نشرت laquo;نيويورك تايمزraquo; أول من أمس افتتاحية، استهلتها بالقول إنه للمرة الأولى منذ الكشف عن تنصت وكالة الأمن القومي الأميركية على بيانات هواتف جميع الأميركيين، أصدرت محكمة فيدرالية قراراً مفاده أن مراقبة البيانات الهاتفية عملية غير دستورية. القاضي laquo;ريتشارد ليونraquo; من المحكمة الفيدرالية التابعة لمقاطعة كولومبيا، وجد أن برنامج جمع البيانات الهاتفية الذي بدأ منذ سبع سنوات في إطار قانون laquo;الوطنيraquo; ينتهك المادة الرابعة من الدستور التي تحظر عملية المراقبة غير المبررة. القاضي laquo;ليونraquo; الذي اتخذ قرار عدم دستورية جمع البيانات الهاتفية كان بوش الإبن من عينه في منصبه، وتحديداً في 10 سبتمبر 2001، وهذا القرار تعتبره الصحيفة منطقياً، لأسباب عدة منها أن الأميركيين يتحدون الحكومة ويذهبون للمحاكم من أجل الإقرار بعدم دستورية عمليات جمع البيانات الهاتفية. القاضي استند في موقفه إلى الطفرة التقنية، فقبل 43 عاماً كان الناس يرسلون الرسائل عبر البريد العادي مستخدمين طوابع البريد، الآن أصبح الهاتف وسيلة للتواصل، وتغيرت التقنيات، والأمر ينطبق على مسألة الخصوصية وتحديد ما إذا كانت عملية البحث في البيانات الهاتفية منطقية أم لا. ومع أن القاضي laquo;ليونraquo; اعترف بأن للحكومة مصلحة في جمع بيانات تحول دون وقوع هجمات إرهابية، لكن لم تذكر الحكومة مثالاً من خلاله منعت مراقبة البيانات هجوماً وشيكاً.

السقوط في الهاوية

بعبارة laquo;سوريا تسقط في الهاويةraquo;، نشرت laquo;واشنطن بوستraquo; يوم الأحد الماضي افتتاحية، قالت في مستهلها إنه قد مر الآن سبعة أسابيع على إطلاق وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتهامات للرئيس السوري بشار الأسد بأنه يشن حرب تجويع ضد معارضيه. وحسب الصحيفة، فإن مئات الآلاف في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية أصبحوا محاصرين من قبل القوات الحكومية، التي ترفض تمرير المساعدات الغذائية والطبية إليهم، آنذاك طالب laquo;كيريraquo; العالم بالتحرك السريع، لأن تكتيكات النظام السوري تهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية في سوريا. وترى الصحيفة أن العالم لم يتحرك ولا الولايات المتحدة التي لديها الوسائل اللازمة لكسر الحصار على السوريين، لكنها اختارت ألا توظف ما لديها من أدوات. والنتيجة أن سوريا في فصل الشتاء تنزلق نحو الهاوية. ولنضع في الاعتبار تقرير laquo;فاليري آموسraquo;، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، الذي أشار إلى أن 7 ملايين سوري أو ما يعادل 40 في المئة من السكان يحتاجون إلى مساعدات غذائية وطبية عاجلة. وبنهاية العام الجاري سيصل عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة إلى 3 ملايين نسمة، وجزء بسيط من هؤلاء يتلقى مساعدات دولية. وهناك 290 ألف سوري محاصر في المناطق القريبة من دمشق وهم يعيشون بلا مؤن غذائية وطبية منذ ستة أشهر، وحسب تقارير laquo;هيومان رايتس ووتشraquo; يعاني السوريون من نقص حاد في الغذاء والبعض يموت من نقص الرعاية الطبية الناجم أصلاً عن الحصار الذي تفرضه قوات النظام، وبعض السكان قالوا إنهم يأكلون أوراق الشجر كي لا يتضورون جوعاً. وتنتقد الصحيفة وزير الخارجية الأميركي قائلة إنه كرس معظم وقته في الأسبوعين الأخيرين لجولات مكوكية للقاء فلسطينيين وإسرائيليين ولم يبد اهتماماً كبيراً بكارثة سوريا الإنسانية منذ أن كتب مقالاً عنها في 25 أكتوبر الماضي. ويبدو أن السياسة الأميركية تجاه سوريا تقلصت لتتضمن التخلص من أسلحة الأسد الكيماوية وعقد مؤتمر سلام في سويسرا (جنيف 2 ) الشهر المقبل. ومن الواضح أن استراتيجية دعم قوات المعارضة التي تبناها laquo;كيريraquo; يوماً ما قد انهارت، وبعد أن اهتمت بالقوى المعتدلة في المعارضة السورية، تتجه الإدارة الأميركية الآن إلى إجراء حوار مع تحالف إسلامي. وحتى الهدف الذي سعى إليه laquo;كيريraquo; من مؤتمر جنيف 2 والمتمثل في حكومة انتقالية سورية جديدة تضم كافة الأطياف يبدو واهماً، فليس هناك مؤيدون للفكرة على الأرض وتفتقر المعارضة المعتدلة لأرضية صلبة تجعلها قادرة على اقتراح تحالف حكومي، وفي غضون ذلك يرفض laquo;الإسلاميونraquo; والنظام تشكيل حكومة انتقالية. كما أن روسيا وإيران الطرفين الداعمين لقوات الأسد، واللذين ساعدا هذه القوات على إحراز انتصارات تكتيكية خلال الآونة الأخيرة لم يظهرا أية دلائل على إمكانية التخلي عن دعمهما لقوات الأسد. واستنتجت الصحيفة أن مؤتمر السلام المقرر عقده في جنيف الشهر المقبل قد أصبح ورقة توت تواري بها واشنطن غياب الاستراتيجية الأميركية في سوريا.

نقص التعاطف

خصصت laquo;كريستيان ساينس مونيتورraquo; افتتاحيتها أول من أمس، لرصد تطورات الموقف الدولي تجاه الأزمة السورية، فتحت عنوان laquo;اختبار نقص التعاطف الأميركي في سورياraquo;، استنتجت الصحيفة أن الاستجابة الأميركية في المجال الإنساني تعد النجاح الأميركي الوحيد في التعامل مع الأزمة السورية. لكن مع دعوة الأمم المتحدة المجتمع الدولي لمساعدة السوريين خاصة مع تدفق اللاجئين، فإن التعاطف الأميركي تجاه السوريين سيتم اختباره من جديد. الصحيفة أشارت إلى أن أوباما تطرق أثناء حملته الانتخابية إلى نقص التعاطف بين الأميركيين، لكن هذه الأيام أمضى الرئيس الأميركي وقتاً في الحديث عن عجز الميزانية الفيدرالية، وبما أن العالم يتعامل الآن مع أسوأ كارثة إنسانية منذ عقود، فأن الفرصة سانحة الآن لقياس نقص التعاطف المزعوم لدى الأميركيين. الصحيفة نوهت إلى قيام الأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي بحملة هي الأكبر من نوعها لجمع أموال لمواجهة أزمة واحدة هي الأزمة السورية، المنظمة الدولية تطمح إلى جمع 6.5 مليار دولار لإيواء وتغذية 16 مليون سوري فروا من بلادهم. عدد السوريين الذين يحتاجون العون يتزايد، وخلال العام الماضي تزايدت المواجهات العسكرية داخل سوريا بمقدار الضعف، على سبيل المثال استخدمت القوات الجوية السورية يوم الاثنين الماضي البراميل المتفجرة في مدينة حلب ما أودى بحياة 76 شخصاً نصفهم تقريباً من الأطفال والنساء، علماً بأن عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم جراء الصراع في سوريا المتواصل منذ 33 شهراً بلغ 120 ألفاً. وترى الصحيفة أن المبلغ المطلوب لإغاثة السويين 6.5 مليار دولار يقترب من نصف المبلغ اللازم للتعامل مع 17 أزمة كبرى حول العالم، خلال عام 2014 وهو 12.9 مليار دولار. وثمة جانب في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين تراه الصحيفة غريباً، حيث الأزمة من الصعب رصدها، فقرابة 80 في المئة منهم لا يعيشون في مخيمات اللجوء بل يفضلون العيش داخل المدن التي تستضيفهم، والنتيجة وجود شح في المياه بالأردن وارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة معدلات البطالة في لبنان، ناهيك عن استياء مرده الخوف من أن يؤدي وجود هؤلاء اللاجئين إلى زعزعة اقتصادات الدول التي تستضيفهم. وحسب الصحيفة، حتى الآن قدمت الولايات المتحدة 700 مليون دولار لغوث المدنيين السوريين، ويتفق الكونجرس والإدارة الأميركية على أن المساعدات استجابة تعكس تعاطفاً من الأميركيين وتحقق في الوقت ذاته مصلحة الأميركيين. وفي 15 يناير 2014 ستجتمع الدول الراغبة في غوث السوريين وستتعهد بمجموعة جديدة من المساعدات.

عام التقلبات

في تقرير نشرته laquo;واشنطن بوستraquo; يوم أمس استعرض laquo;دان بلازraquo; نتائج استطلاع رأي أجرته laquo;واشنطن بوستraquo; بالتعاون مع شبكة laquo;إيه. بي. سيraquo; الإخبارية، من أبرز النتائج أن أوباما يتعرض في عامه الرئاسي الخامس بنسبة قبول عام هي الأسوأ منذ تسلمه منصبه، كما أن المزايا التي تفوق بها على خصومه laquo;الجمهوريينraquo; داخل الكونجرس قد تلاشت في كثير من المناطق داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن معدلات القبول الشعبي لكل من الحزبين laquo;الديمقراطيraquo; وlaquo;الجمهوريraquo; تظل أسوأ من معدلات أوباما، فهو الرئيس الذي عانى من مشكلات تسببت فيها إدارته وأمضى عاماً مشحوناً بالصراع الحزبي الذي أدى إلى إغلاق الحكومة الفيدرالية جراء خلافات حول الميزانية. وتراجع درجة الرضا عن أداء أوباما تثير قلق laquo;الديمقراطيينraquo; خاصة قبيل انتخابات التجديد النصفي، فعادة ما يعاني الحزب الحاكم في هذه الانتخابات عندما تنخفض نسبة الرضا عن رئيسه إلى ما دون 50 في المئة، وأوباما حسب هذا الاستطلاع وصلت نسبة الرضا عنه إلى 43 في المئة، وبلغت نسبة عدم الرضا عن أدائه إلى 55 في المئة بين المستطلعة آراؤهم.

إعداد: طه حسيب