صالح القلاب


كانت هذه التجربة laquo;الثلجيةraquo; درساً يجب أن نستفيد منه لا أنْ نركب خيول المزايدات ونبدأ بجلد الذات وبالدعوة إلى laquo;الحركاتraquo; السلبية المعتادة كالدعوات التي يطلقها الذين لا يتوفر لهم القدر الكافي من حسِّ المسؤولية والذين لا يجدون ما يذكرون من خلاله بأنفسهم إلاَّ بنعيق يشبه نعيق الغربان على القبور وإلاَّ بتصوير السماء وكأنها إنطبقت على الأرض!
كان أسبوع laquo;الثلجةraquo; هذه التي بقينا ننتظرها لسنوات طويلة أسبوعاً قاسياً وكانت قسوته أنَّ بعضنا لم يستمع ولم يلتزم بنداءات الجهات المعنية بأنه على من ليس لديه موجبات ضرورية أن يبقوا في منازلهم حتى لا يعيقوا عمليات الإخلاء وفتح الطرقات التي إنْ إحتكمنا إلى ضمائر حية فإننا سنجد أن ما قامت به قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وأمانة عمان ومعها بعض البلديات يكاد يكون من المستحيلات حتى قياساً بإمكانية دولة مقتدرة كالولايات المتحدة وحتى قياساً بإمكانيات الدول الأوروبية التي إعتادت على مثل هذه الأزمات وعلى مثل هذه الأوضاع الإستثنائية.
لقد كانت هناك بعض النواقص فإنَّ هذا لا يمكن إنكاره فالكمال هو لله وحده.. ولعل أنه من قبيل التكرار والتذكير بأن العواصف التي ضربت بعض المدن والمناطق الأميركية قد رافقها عجز لم يُثر غضب الأميركيين كالغضب الذي أثارته هذه laquo;الثلجةraquo; المباركة عندنا فالناس هناك يعرفون أنَّ مثل هذه العواصف والأعاصير الهوجاء لا يمكن إحتواؤها بصورة كاملة وأنه في العادة تكون هناك ضحايا بشرية أكثر كثيراً مما حصل عندنا والحمد لله حيث كانت الخسائر بالأرواح شبه معدومة وحيث إقتصرت الخسائر المادية على بعض حوادث الطرق تعرَّضت لها بعض المركبات والسيارات وإلى سقوط أعمدة الكهرباء والإنزلاقات الجليدية.
إنَّ المشكلة التي واجهتنا والتي يجب أن نتعلم منها دروساً كثيرة هي أنَّ عدم إنضباطية بعضنا وعدم إلتزام البعض الآخر وصبيانية وطفولية آخرين قد أدت إلى أزمة السير التي ما كان من الممكن أن تحصل لو أن جميعنا قد إستجاب للنداءات المتكررة بعدم الخروج من المنازل إلاَّ للضرورات المُلحَّة ولو أنَّ الكل قد وضع المصلحة العامة فوق النزعات الفردية الأنانية حيث إندفع الفضوليون إلى الشوارع بسياراتهم وبأطفالهم فأعاقوا عمليات الإخلاء وأعاقوا حتى سيارات الإسعاف وحتى سيارات الدفاع المدني التي كانت تواصل صراخها.. ولا منْ مُجيب!!.


إنه علينا أن نتعلم من هذه التجربة دروساً كثيرة فالشعوب الحية هي التي تتعلم من تجاربها الصعبة وأول هذه الدروس هو أنه عليه في مثل هذه الحالات أن يكون إنضباطياً صارماً وأن نبتعد عن الأنانيات بقدر الإمكان وأن لا نتدافع بسياراتنا على الشوارع المزدحمة وأيضاً وقبل كل هذا أن يساهم القادرون منَّا في مساعدة الأجهزة المعنية في فتح الطرقات وإنقاذ الذين يحتاجون للإنقاذ والمساعدة.
لقد سمعنا كلاماً كثيراً عن أمور لم تحدث إطلاقاً على أرض الواقع ولقد سمعنا إتهامات كثيرة ومنذ اللحظة الأولى للجهات المعنية بأنها لم تقم بواجبها وكأنه كان بالإمكان مواجهة رحمة السماء هذه التي إنتظرناها طويلاً بلحظة واحدة وكأن معالجة ما حصل لا تحتاج إلى فترات طويلة وبخاصة وأنَّ عدم الإنضباط وأن الأنانيات الزائدة عن اللزوم هما السبب الرئيسي في إزدحام الشوراع وفي بعض الحوادث التي ما كان من الممكن أن تقع لو أننا جميعاً إلتزمنا بالتوجيهات التي بدأت منذ اللحظة الأولى ولو أننا لم نندفع إلى الطرقات بالأعداد المذهلة التي أدَّت إلى ما عانيناه من مشاكل وإشكالات.
وهنا فإنه بالإمكان إحتمال هذا كله على أن نستنتج منه دروساً كثيرة أما ما لا يمكن إحتماله ولا السكوت عليه هو أن بعض الذين إمتهنوا عادة النعيق والإتهامات والتحريض قد إستغلوا هذه الفرصة أيضاً لينسجوا قصصاً خيالية وليسيئوا إلى هذا البلد بالتحدث حتى لوسائل الإعلام العربية والعالمية عن قصور مبالغ فيه كثيراً.. وهؤلاء هم الذين عودونا على تحميل بلدنا مسؤولية مشكلة حدثت في زيمبابوي أو في أميركا الجنوبية.