أشرف محمود

هي الأيام تدور دورتهاrlm;,rlm; أسابيع فشهور حتي تكتمل عاماrlm;.rlm; وتتوالي الأعوام لتكون فيما بينها عقداrlm;,rlm; وتتواصل العقود لتصنع قرناrlm;,rlm; تتبدل فيه الأشياء وتتغير الفصولrlm;,rlm; والبشر مابين مولود ومفقودrlm;,rlm; وحال الدنيا يتقلب ويتغيرrlm;,rlm; ممالك زالت وحضارات اندثرتrlm;.rlm;

ومع قرب إسدال الستائر علي عام2013, تبدو الرؤية ضبابية في المشهد العربي, ومعها تغيب القدرة علي استشراف المستقبل حتي بلغ الأمر حد عجز العرافين عن التكهن بما سيكون في العام الجديد, فتسارع الأحداث واضطراب الساحة يعجز معها أصحاب الخيال عن الإدراك. ويتواكب مع العام الجديد الذي سيظلنا بعد أيام بداية العام الرابع لما اصطلح غربيا علي تسميته بالربيع العربي, ما يطرح سؤالا مهما: هل ما حدث جلب الربيع لبلداننا العربية, وهل مالم يتحقق في السنوات الثلاث الماضية سيتحقق في العام الرابع, وستحل معه نسائم الربيع الحقيقية أم ستستمر رياح الخماسين التي تقتلع في طريقها الأخضر واليابس ؟
المشهد العربي لايقدم أي بشري لمستقبل ينهي حالة الصراع التي اجتاحت دولا عربية عدة ونفثت سمومها في شرايين الأمة, فتصدر الإرهاب علي أثرها المشهد وتراجعت التنمية وسقطت أقنعة كانت تخفي وراءها وجوها تمكنت من خداع البعض وقتا طويلا.. ضبابية المشهد التي أعقبت ثورة تونس, ودخلت بعدها مصر وليبيا واليمن وسوريا علي خط الثورة, ذكرتني بما حدث معي قبل سبع سنوات. ففي زيارة لدمشق الفيحاء حاضرة الخلافة الأموية, وبينما أقف أمام قبر البطل الأسطوري صلاح الدين الأيوبي أقرأ الفاتحة ترحما عليه وأدعو الله أن يجزيه خيرا عما قدمه لأمته, يترامي الي مسامعي صوت بكاء حار, فنظرت صوب مصدر الصوت فوجدت سيدة في العقد السادس من عمرها تمسك بالمشهد الذي يرقد تحته جثمان صلاح الدين, سمعتها تقول بصوت متهدج والدموع تملأ وجهها: قم يا صلاح الدين, قم يا بطل حطين, قم فلم يعد للعرب بطل يأخذ بيدهم ويصد عنهم العدوان, قم يابطل حطين فالقدس تدنس كل يوم بأقدام الصليبين, والأقصي أسير ينتظر من يفك أسره لكن أحدا لايهتم لانشغالهم بهمومهم التي انكفأوا عليها ونسوا واجباتهم القومية, قم ياصلاح الدين فعراقك لم تعد العراق بعد أن دخلها الأمريكان وشردوا أهلها وفرطوا عقد جيشها, قم ياصلاح الدين فليس لنا من بني جلدتنا من يقدر علي أن يعيد أمجادك فعد أنت إلينا لتعيد الأمجاد وتنهي الاستعباد وتريح الأكباد من القهر والعذاب.


تسمرت مكاني لا أدري ماذا أفعل, اقتربت من السيدة بعد أن هدأت قليلا, ربت علي يدها التي كانت لا تزال تمسك بالمشهد وقلت لها: هوني عليك يا أماه, فإذا كان صلاح الدين البطل قد رحل فرب صلاح الدين حي لايموت وهو وحده القادر علي أن يقيض لأمة الاسلام بطلا جديدا يعيد ماكان ويصل ما انقطع, علينا أن نقول يارب, نظرت السيدة التي عرفت من لهجتها أنها عراقية وقالت يارب.. ورغم مرور السنين علي هذه الواقعة فإنني لا أنساها وكلما مر وطننا العربي بأزمة أتذكرها وأجد لساني يقول يارب قيض لنا بطلا كصلاح الدين يحمي الديار ويجلب الانتصار. وكلما جلت بخيالي في المنطقة العربية أو تابعت نشرة أخبار واحدة في أي قناة عربية, أشعر بالقلق والخوف علي مستقبل الأمة العربية التي يتربص بها الأعداء من كل جانب. وللأسف يسهم نفر من أبنائها في دس الأعداء أنوفهم في شئوننا الداخلية, وأجدني أعود للدعاء يارب ارزقنا بطلا كصلاح الدين يوحد العرب رغم أنف النخب ويبث في نفوس المتآمرين الرعب ليبعدوا عن أمتنا, ويفشل مشروعهم ويعودوا من حيث أتوا مخذولين وترتفع راية العروبة فوق هام السحاب.


مع حلول العام الرابع بعد طوفان التغيير الذي كنا نتمناه ربيعا عليلا, لكن ما تمنيناه كأنه كان وهما من خيال سرعان ماهوي, تكفي نظرة سريعة علي حال الأمة, ساعتها سيعلو صوت نحيبنا حزنا علي حالها بما يفوق نحيب السيدة العراقية عند قبر صلاح الدين. وعلي الرغم من الثورة العظيمة في30 يونيو التي كانت مفترق طرق عدل مسارها قبل أن تقع في الهاوية, غير أن مصر تعيش حالة صراع شديد بين نخب سياسية عاجزة عن مسايرة الشارع والمضي قدما باتجاه إنجاز التحديات, وتبدو البوصلة لدي حكومتها ضائعة, في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة المحظورة مسلسل الإنكار لما تم وكأنها تعيش كابوسا ستصحو منه يوما وتعيد ما كان.
كل هذا في الوقت الذي تعاني فيه سوريا من حرب أهلية تتكشف حقيقتها يوما بعد يوم وتسقط الأقعنة عن بعض المدعين للثورة علي النظام وتتعدد جبهات الحرب فيها ينذر بإطالة أمد الصراع المسلح, ما يبعد سوريا عن مكانتها ودورها. والشاهد أن الأمة العربية تتعرض لخطر حقيقي لايمكن التعامل معه بالتردد فليس لدينا ترف التفكير والتحليل والتنظير. من هنا يكون البحث عن المنقذ ذلك البطل المغوار الذي يشبه أبطال التاريخ أمرا مشروعا وأملا يراود البسطاء الباحثين عن الأمن والأمان والذين خرجوا ثائرين من أجل أن يعيشوا حياة كريمة. وهم يرفعون أكف الضراعة الآن إلي الله أن يهبهم بطلا كصلاح الدين يلم شملها ويقوي عزيمتها ويوحد صفها ويقودها الي حيث يجب أن تكون
فهل يشهد العام الجديد ارتقاء البطل لصهوة جواده.. هذا ما نتمناه وننتظره!