جهاد الخازن

هل يريد القارئ دليلاً على عواطف اسرائيل وعصابتها الاميركية إزاء مصر؟

مجلس التحرير في laquo;نيويورك تايمزraquo; الذي يضم بعض غلاة الليكوديين الاميركيين أنصار اسرائيل كتب أمس افتتاحية عنوانها laquo;أيام سود في مصرraquo; تتحدث عن laquo;ديكتاتوريين عسكرraquo; وعن رئيس منتَخَب شرعياً يُتّهم بجرائم.

الافتتاحية لا تقول إن مصر في مرحلة انتقالية يُفتَرَض أن تنتهي خلال أشهر، ولا تقول إن ملايين المصريين هم الشرعية الأولى والأخيرة، وقد ثاروا على محمد مرسي والإخوان المسلمين، ولا تقول إن الإجراءات الأمنية المشددة سببها الارهاب والتحريض عليه الذي تمارسه الجماعة علناً. (رئيس مجلس تحرير laquo;واشنطن بوستraquo; وهو ليكودي أيضاً كتب افتتاحية تزعم أن الاكاديميين الاميركيين يخطئون بمقاطعة اسرائيل، ما يؤكد أنهم مصيبون في رفض دولة الجريمة).

الادارة الاميركية وإسرائيل واللوبي وليكود اميركا أنصار الإخوان المسلمين في مصر، لأن فشل مصر وسقوطها وانهيار دورها العربي أمور مضمونة إذا حكم الإخوان.

مضى وقت كان العربي الراغب في مساحة حرية أوسع يهاجر الى مصر ليعبّر عن رأيه من دون خوف، وتقلصت مساحة الحرية تدريجاً حتى جاء الإخوان المسلمون وسعوا في سنة كارثية لهم في الحكم أن يخنقوا كل رأي غير رأيهم. الشعب المصري انتفض عليهم، وتدخل الجيش وعزلهم وسجن قادتهم ليُحاكموا في تهم تحريض وقتل.

النظام الانتقالي الحالي ليس أفضل، فقد اعتُقِلَ بعض شباب الثورة على حسني مبارك ثم على محمد مرسي، ودوهمَت مراكز جماعات حقوق الانسان، وأمامي بيان وقّعته 23 منظمة مصرية يشكو من محاولات قمع حرية الكلمة، وتستشهد به الافتتاحية الليكودية. بل إن أحكاماً بالسجن صدرت على بعض الناشطين وهذا خطأ كبير.

ألجأ الى الأمل في مصر وأقول لنفسي إن هذه الأعمال ستزول عندما يقوم حكم ديموقراطي بعد إقرار الدستور وانتخاب رئيس جديد وبرلمان. ثم يساورني قلق من أن أكون أغلّب الرجاء على التجربة المرّة، وأنتقل من مصر الى دول عربية أخرى وأجد الوضع السيئ نفسه أو ما هو أسوأ.

تبقى المأساة في سورية حيث يُقتَل عشرات من المواطنين الأبرياء كل يوم بتواطؤ الشرق والغرب. غير أن الخبر السوري معنا كل يوم وأعود اليه في هذه الزاوية بانتظام. ما يستحق تغطية أوسع هو الحرب الأهلية غير المعلنة في العراق ونجاح laquo;القاعدةraquo; في السيطرة على مناطق رفعت فيها الأعلام السود في جوار الحديثة والرطبة الى شمال الموصل وحدود سورية. فالإرهابيون يريدون إقامة إمارة (إرهابية) في البلدين.

كل يوم هناك أخبار عن مقتل ناس أبرياء في العراق، وعادة ما يكون القتل لأسباب طائفية تتجاوز السنّة والشيعة الى المسيحيين الذين هاجر منهم كل قادر على ترك بلده.

الوضع في اليمن ليس أفضل حيث تسيطر laquo;القاعدةraquo; على مناطق من جنوب اليمن وتشنّ هجمات شبه يومية على الجيش وقوى الأمن حتى أن وزارة الدفاع نفسها لم تسلم منهم وقُتِل عشرات في هجوم إرهابي في الأسبوع الأول من هذا الشهر واستمر القتل حتى الأسبوع الأخير.

وإذا لم تقتل laquo;القاعدةraquo; اليمنيين، فهناك الطائرات الاميركية بلا طيار، وفي المعلومات أن هذه الطائرات نفذت 83 عملية في اليمن منذ 2009 قُتِل فيها مئات المدنيين، ولعل من القراء مَنْ يذكر الهجوم على حفلة زفاف هذا الشهر، ما أسفر عن قتل 12 مدنياً بريئاً وجرح 15 آخرين.

ليبيا لم تعد دولة، فعصابات مسلحة تسيطر على مرافقها، ولها وجود في طرابلس وبنغازي والمدن الأخرى. وهناك اغتيالات وتفجيرات شبه يومية، والارهابيون من الجرأة أن خطفوا رئيس الوزراء يوماً، ونائب رئيس الاستخبارات في يوم آخر. وقرأت أخيراً أن لهم دوراً في صناعة النفط ويسيطرون على ثلاث محطات لتصدير النفط.

لا أكتب laquo;إعلان وفاةraquo;، فالوضع في تونس أفضل بعد اتفاق مع الاسلاميين للتخلي عن السلطة، وهو في المغرب أفضل منه في تونس، غير أن الصورة العامة قاتمة، وهي ما رسمت من دون رتوش في الفقرات السابقة.