أحمد عبد الملك

رغم إعلان المبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا بأن 26 دولة سوف تشارك في مؤتمر laquo;جنيف 2raquo;، وأن الولايات المتحدة قد مارست ضغوطات لعدم إشراك إيران في المؤتمر، وأن حضور السعودية سيكون بروتوكولياً ( في جلسة الافتتاح)، وإنْ كان الرأي بأن يكون مندوبوها على مقربة من مقر المؤتمر، إلا أن الإشكالية الرئيسية التي ستواجه المؤتمر تتمثل في تعدد الجبهات والجهات على التراب السوري وخارجه، وصعوبة توحيد التمثيل.

ورغم إعلان رئيس الائتلاف السوري المعارض laquo;أحمد الجرباraquo; أن الأكراد سوف يكون لهم تمثيل في المحادثات laquo;وفد ضمن الائتلاف ووفد ضمن النظامraquo;، إلا أن ما يزيد في تعقيد الأمور هو تعدد الجبهات وصعوبة ضبط إيقاع الجماعات laquo;الجهاديةraquo;، وlaquo;الجبهة الإسلاميةraquo;، وlaquo;جبهة النصرةraquo;، وlaquo;أحرار الشامraquo;، وlaquo;الجبهة الشعبية للتغير والتحريرraquo;، وجماعة laquo;داعشraquo; وهي laquo;الدولة الإسلامية في العراق والشام وغيرها. وإذا ما صحّت laquo;التنبؤاتraquo; ndash; على ضوء ما جرى في الجلسات التحضيرية للمؤتمر- فإن عدم حضور إيران والسعودية، وهما من أكبر الدول في المنطقة، وانفراد الولايات المتحدة وروسيا بأقدار المؤتمر، سوف لن يكون لصالح المؤتمر. كما واجهت الجلسات التحضيرية استقطابات دولية لقوى المعارضة، ما سُميّ laquo; تقاسم نفوذraquo; بين الأطراف المشاركة في المؤتمر وبعض الدول الأوروبية. وكان السفير الأميركي لدى سوريا laquo;روبرت فوردraquo;، قد أكد أن بلاده ترفض مشاركة إيران في مؤتمر laquo;جنيف 2raquo; بشأن سوريا، مشيراً إلى أن دور إيران في الملف السوري كان دائماً سلبياً. كما أكد بأن الموقف الأميركي من الأسد لم يتغيّر وأنه لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية. ولكن ما يدور في المخيال الغربي أن مؤتمر laquo;جنيف 2raquo; لا يفضي بالضرورة إلى خروج الرئيس السوري من السلطة.

ورغم أن laquo;الإبراهيميraquo; بدا ممتعضاً من عدم إشراك إيران في المؤتمر، فإن نائب وزير الخارجية الروسي laquo;ميخائيل بوغدانوفraquo; صرّح بأن laquo;استبعاد إيران من مؤتمر laquo;جنيف 2raquo; قرار أميركي، وإذا لم تحضر إيران، فلن تكون مضطرة للالتزام بقرارات المؤتمر ، ولن يساعد ذلك على حل النزاع في سوريا، مشيراً إلى أن إصرار الولايات المتحدة على موقفها هذا سوف يُفشل المؤتمرraquo; . كما زاد على ذلك laquo;الإبراهيميraquo; بالقول : إن الوفد الأميركي قد أعاق تمرير المشاركة الإيرانية لأنه لا يراها ضرورية، لكننا سنستمر في بحث المسألة لتصبح ممكنة، مشيراً إلى أن الإيرانيين laquo;يتمنونraquo; الحضور، لكنهم أبلغوا الأمم المتحدة بأن laquo;عدم مشاركتهم لا تعنى نهاية العالمraquo;.

على الصعيد الميداني، حيث سُجلت بعض التراجعات لـlaquo;الجيش السوري الحرraquo;، بعد سقوط أكثر من 70 قتيلاً يوم الخميس الماضي في ريف دمشق، حيث قصفت قوات الجيش النظامي المدن والبلدات التي يسيطر عليها laquo;الجيش الحرraquo; بالطيران والمدفعية الثقيلة، كما استخدم النظام صواريخ laquo;أرض- أرضraquo; في حي laquo;القابونraquo;. وقد أعلن رئيس أركان الجيش السوري الحر laquo;سليم إدريسraquo; أنه يجري العمل على توحيد صفوف المقاتلين المعارضين لنظام laquo;الأسدraquo; في وقت تشهد ميادين القتال تراجعاً لحضور هذا الجيش مقابل تصاعد نفوذ المجموعات الإسلامية وlaquo;الجهاديينraquo; بعد أن سيطر مقاتلون إسلاميون على مخازن أسلحة تابعة للجيش الحر قرب الحدود مع تركيا. كما حدث تعارض بين المواقف عندما أعلن السفير الأميركي في سوريا بأن الجبهة الإسلامية السورية رفضت لقاء الجانب الأميركي في إسطنبول قبيل الاستعدادات للجلسات التحضرية لـlaquo;جنيف 2 raquo;.

وهذا يُعتبر مؤشراً سلبياً لكل ما أملّتهُ الثورة السورية، وتشتيتاً للجهود التي هدفت لإزاحة نظام الأسد، وإنشاء دولة ديموقراطية مدنية في سوريا، وأن الثورة السورية تتعرض لعمليات laquo;اختطافraquo; على أيدي جماعات متفرقة، لا يبدو أنها تؤمن بأهداف الثورة السورية الأصلية، وليس مستغرباً أن تكون لديها أجندات خارجية تأتمر بها، ولا يمكن أن تستجيب لصوت العقل بعد أن وصل عدد القتلى إلى أكثر من 126 ألف شخص، وتشريد أكثر من 6 ملايين سوري في المنافي، وسط ضراوة الطقس وشدة برودته.

كما أن همجية القتل لدى بعض الجماعات laquo;الجهاديةraquo; وإمعانهم في القتل بلا رحمة والاختطافات غير المسؤولة يزيد في مساحات معاناة السوريين. ولا أدل على ذلك من نشر صور لثلاثة رجال من مدينة laquo;عدراraquo;، وقد تم ذبحهم من قبل عناصر جهاديين مرتبطين بتنظيم laquo;القاعدةraquo; وقد وضعت رؤوسهم بجانب جثثهم في منظر لا يمكن قبوله من جهاديين يسعون إلى إقامة دولة العدل والحرية.

laquo;جنيف 2raquo; سيكون محفوفاً بالمخاطر، طالما امتدت إليه الأيادي الطويلة والمتنوعة، ولن تضمن نجاحهُ التمنيات التي تُطلق من هنا وهناك، بل سيكون الأمر في النهاية عند واشنطن وموسكو، وقد يكون الطريق طويلاً وغير مفروش بالورود.